قال سيبويه وبعض العرب يجره كما يجر الخزّ حين تقول : مررت برجل خزّ صفته وهو قليل : كما تقول : مررت برجل أسد أبوه إذا كنت تريد أن تجعله شديدا ومررت برجل مثل الأسد أبوه إذا كنت تشبهه ، فإن قلت : مررت بدابة أسد أبوها فهو رفع لأنك إنما تخبر أن أباها هذا السبع قال : فإن قلت : مررت برجل أسد أبوه على هذا المعنى رفعت لأنك لا تجعل أباه خلقته كخلقة الأسد ولا صورته هذا لا يكون ولكنه يجيء كالمثل ومن قال : مررت برجل أسد أبوه قال : مررت برجل مائة إبله وزعم يونس : أنه لم يسمعه من ثقة ولكنهم يقولون : هو نار جمرة لأنهم قد يبنون الأسماء على المبتدأ ولا يصفون بها فالرفع فيما كان بهذه الحال الوجه قال : ومن قال : مررت برجل سواء والعدم كان قبيحا حتى تقول : هو والعدم ؛ لأن في (سواء) اسما مضمرا مرفوعا كما تقول : مررت بقوم عرب أجمعون فارتفع (أجمعون) على مضمر في (عرب) في النية فالعدم هنا معطوف على المضمر الثاني المضاف ، وذلك قولهم : مررت برجل أي رجل وبرجل أيما رجل وبرجل أبي عشرة وبرجل كلّ رجل وبرجل مثلك وغيرك وبرجل أفضل رجل وما أشبهه فجميع هذا يجري على الموصوف في إعرابه في رفعه ونصبه وجره إذا أخلصتها له ، فإن جعلت شيئا من هذه الصفات رافعا لشيء من سببه لم يجز أن تصف به الأول ولا تجريه عليه ورفعته فقلت : مررت برجل أبو عشرة أبوه وبرجل أفضل رجل أبوه وبرجل مثلك أخوه وبرجل غيرك صاحبه : وكلّ ما ورد عليك من هذا النحو فقسه عليه.
الثالث : النعت الموصول المشبه بالمضاف :
وإنما أشبه المضاف ؛ لأنه غير مستعمل إلا مع صلته ، وذلك نحو : أفضل منك وأب لك وأخ لك وصاحب لك فجميع هذه لا يحسن أن تفردها من صلاتها لو قلت : مررت برجل أب وبرجل أخ لك وبرجل خير وبرجل شرّ لم يجز حتى تقول : مررت برجل أب لك وبرجل أخ لك وبرجل خير منك فجميع هذه إذا أخلصتها للموصوف ولم تعلقها بشيء من سببه أجريتها على الأول فقلت : هذا رجل خير منك وصاحب لك وأب لك ورأيت رجلا خيرا منك وأبا لك ومررت برجل خير منك وأب لك ، فإن علقتها بشيء من سببه رفعت وغلبت عليها الاسمية فقلت : مررت برجل أب لك أبوه وبرجل صاحب لك أخوه وبرجل خير منه