معلوم ؛ لأنه مستقبل لا تعرفه فإذا أضفت أمس نكرته ثم أضفته فيصير معرفة بالإضافة كما تقول : زيدك إذا جعلته من أمة كلها زيد وعرفته بالإضافة وزالت المعرفة الأولى.
وقال أبو العباس رحمه الله في قول الشاعر :
طلبوا صلحنا ولات أوان |
|
فأجبنا أن ليس حين بقاء (١) |
__________________
(١) على أن أصله عند المبرّد والسيرافيّ : ولات أوان طلبوا ، فحذفت الجملة وبني أوان على السكون أو على الكسر ، ثم أبدل التنوين من المضاف إليه كما في يومئذ.
قال ابن هشام في" المغني" : قرئ" ولات حين مناص" ، بخفض الجين ، فزعم الفرّاء أن لات تستعمل حرفا جارّا لأسماء الزمان خاصة ، وأنشد : طلبوا صلحنا ولات أوان وأجيب عن البيت بجوابين : أحدهما : على إضمار من الاستغراقيّة. ونظيره في بقاء عمل الجارّ مع حذفه وزيادته قوله : " الوافر" ألا رجل جزاه الله خيرا فيمن رواه بجرّ رجل والثاني : أن الأصل : ولات أوان صلح ، ثم بنى المضاف لقطعه عن الإضافة ، وكان بناؤه على الكسر لشبهه بنزال وزنا ، ولأنّه قدّر بناءه على السكون ثم كسر على أصل التقاء الساكنين كأمس ، ونوّن للضرورة ، وقال الزمخشريّ : للتعويض كيومئذ. ولو كان كما زعم لأعرب ، لأن العوض ينزّل منزلة المعوّض منه.
وعن القراءة بالجواب الأوّل ـ وهو واضح ـ وبالثاني وتوجيهه : أنّ الأصل حين مناصهعم ثم نزّل قطع المضاف إليه من مناص منزلة قطعه من حين ، لاتّحاد المضاف والمضاف إليه ؛ قاله الزمخشريّ. وجعل التنوين عوضا من المضاف إليه ، ثم بنى إضافته إلى غير متمكن. انتهى.
والأولى أن يقال : إنّ التنزيل المذكور اقتضى بماء الحين ابتداء ، وإنّ المناص معرب ، وإن كان قد قطع عن الإضافة بالحقيقة ، لكنه ليس بزمان ، فهو ككل وبعض. انتهى كلام ابن هشام.
" أقول" : تقدير المضاف إليه جملة هو المناسب لتشبيه أوان بيومئذ في البناء ، وغي كون التنوين بدلا من المضاف إليه ، وأما تقديره مفردا ثم تعليل بنائه بقطعه عن الإضافة كما صنع ابن هشام تبعا لغيره ، ففيه أنّ ما ذكره مختص بالظروف النّسبيّة ، ويكون بناؤها حينئذ على الضمّ ، وأما أوان فإنّه ظرف متصرف ، كما يأتي قريبا وليس مضموما ، كقبل وبعد.
ويجوز أن يقدّر المضاف إليه ولات أوان نصطلح ، فإنّ المنفيّ في الحقيقة هو أوان الصلح ، أو يقدّر جملة اسمية ، أي : ولات أوان صلحنا ممكن ، فأوان خبر لات وهو منصوب لفظا أو مبني على الفتحة إضافته إلى مبنيّ واسمها محذوف ، أي : ولات الأوان. ـ قال أبو عليّ في" المسائل المنثورة" : قال أبو العبّاس المبّرد : أوان هنا مبنية ؛ لأنّ أوان تضاف إلى المبتدأ والخبر ، فكأنك حذفت منه المبتدأ والخبر ، فنونّت ليعلم أنّك قد اقتطعت الإضافة منه.
ولم يرتض ابن جنّي في" الخصائص" كون التنوين عوضا عن الجملة كيومئذ ، وفرّق بينهما بأن إذ ظرف ناقص ، وأوان ظرف متصرّف. انظر خزانة الأدب ٢ / ٢٠.