نعم. قال : فتعلم أنّه غاب عن بدر فلم يشهده؟ قال : نعم. قال : وتعلم أنّه تغيّب عن بيعة الرضوان؟ قال : نعم. قال : فكبّر المصريّ ، فقال ابن عمر : تعال أُبيّن لك ما سألتني عنه ، أمّا فراره يوم أحد فأشهد أنّ الله قد عفا عنه وغفر له. وأمّا تغيّبه عن بدر فإنّه كانت تحته ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنّها مرضت ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لك أجر رجل شهد بدر أو سهمه. وأمّا تغيّبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعزّ ببطن مكة من عثمان لبعثه ، بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عثمان ، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان ، فضرب بها يده وقال : هذه لعثمان. قال : وقال ابن عمر : اذهب بهذا الآن معك. وأخرجه البخاري في صحيحه (١) (٦ / ١٢٢).
وفي مرسلة عن المهلب بن عبد الله : أنّه دخل على سالم بن عبد الله بن عمر رجل وكان ممّن يحمد عليّا ويذّم عثمان ، فقال الرجل : يا أبا الفضل ألا تخبرني هل شهد عثمان البيعتين كلتيهما : بيعة الرضوان وبيعة الفتح؟ فقال سالم : لا. فكبّر الرجل وقام ونفض رداءه وخرج منطلقاً.
فلمّا أن خرج قال له جلساؤه : والله ما أراك تدري ما أمر الرجل ، قال : أجل ، وما أمره؟ قالوا : فإنّه ممّن يحمد عليّا ويذمّ عثمان ، فقال : عليّ بالرجل ، فأرسل إليه فأتاه ، فقال : يا عبد الله الصالح إنّك سألتني : هل شهد عثمان البيعتين كلتيهما : بيعة الرضوان وبيعة الفتح ، فقلت : لا. فكبّرتَ وخرجتَ شامتاً ، فلعلّك ممّن يحمد عليّا ويذمّ عثمان؟ فقال : أجل والله إنّي لمنهم ، قال : فاستمع منّي ثم اردد عليّ ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا بايع الناس تحت الشجرة كان بعث عثمان في سريّة ، وكان في حاجة الله وحاجة رسوله وحاجة المؤمنين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا إنّ يميني يدي وشمالي يد عثمان ، فضرب شماله على يمينه وقال : هذه يد عثمان وإنّي قد بايعت له ، ثم كان من شأن عثمان في البيعة الثانية : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث عثمان إلى عليّ ، فكان أمير اليمن
__________________
(١) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٥٢ ح ٣٤٩٥.