وروى ابن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن ابن عمر : كنّا نقول : إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس. فيسمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك فلا ينكره (١).
وفي لفظ البزّار : كنّا نقول في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أبو بكر وعمر وعثمان ـ يعني بالخلافة (٢) ـ وفي لفظ الترمذي : كنّا نقول ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيّ (٣).
وفي لفظ البخاري في تاريخه (١ / قسم ١ / ٤٩) : كنّا نقول في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : من يلي هذا الأمر بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فيقال : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نسكت.
قال الأميني : هذه الرواية عمدة ما تمسّك به القوم فيما وقع من الانتخاب الدستوري في الإسلام ، وقد اتّخذها المتكلّمون حجّة لدى البحث عن الإمامة ، واتّبع أثرهم المحدّثون ، ولهم عند إخراجها تصويب وتصعيد ، وتبجّح وابتهاج ، وجاء كثيرون وقد أطنبوا وأسهبوا في القول لدى شرحها ، وجعلوها كحجر أساسي علّوا عليها أمر الخلافة الراشدة ، واحتجّوا بها على صحّة البيعة التي عمّ شؤمها الإسلام ، وحُفّت بهنات ووصمات وشتّتت شمل المسلمين ، وفتّت في عضد الدين ، وفصمت عراه ، وجرّت الويلات على أُمّة محمد حتى اليوم ، فلنا عندئذ أن نبسط القول ، ونوقف القارئ على جليّة الحال (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (٤) ، والله وليّ التوفيق.
كان عبد الله بن عمر على العهد النبويّ الذي ادّعى أنّه كان يُخيّر فيه فيختار في
__________________
(١) فتح الباري : ٧ / ١٣ [٧ / ١٦]. (المؤلف)
(٢) تاريخ ابن كثير : ٧ / ٢٠٥ [٧ / ٢٣٠ حوادث سنة ٣٥ ه]. (المؤلف)
(٣) صحيح الترمذي : ١٣ / ١٦١ [٥ / ٥٨٨ ح ٣٧٠٧]. (المؤلف)
(٤) الأنفال : ٤٢.