ثم دعا عثمان فقال : ادن يا أبا عمرو ، فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبتيه بركبتيه ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السماء فقال : سبحان الله العظيم ـ ثلاث مرّات ـ ثم نظر إلى عثمان وكانت أزراره محلولة فزرّها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بيده ، ثم قال : اجمع عطفي ردائك على نحرك ، إنّ لك شأناً في أهل السماء ، أنت ممّن يرد عليّ حوضي ـ وفي لفظ : يرد عليّ يوم القيامة ـ وأوداجك تشخب دماً ، فأقول لك : من فعل بك هذا؟ فتقول : فلان وفلان ، وذلك كلام جبرئيل إذا هتف من السماء ، فقال : ألا إنّ عثمان أمير على كلّ مخذول. ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال : ادن يا أمين الله ، أنت أمين الله ، وتسمّى في السماء : الأمين ، يسلّطك الله على مالك بالحقّ ، أما إنّ لك عندي دعوة وعدتكها وقد أخّرتها. فقال : خر لي يا رسول الله ، قال : حمّلتني يا عبد الرحمن أمانة ، ثم قال : إنّ لك شأناً يا عبد الرحمن ، أما إنّه أكثر الله مالك ، وجعل يقول بيده : هكذا وهكذا ، ثم آخى بينه وبين عثمان.
ثم دعا طلحة والزبير فقال : ادنوا منّي ، فدنَوَا منه فقال لهما : أنتما حواريّ كحواري عيسى بن مريم ، ثم آخى بينهما.
ثم دعا عمّار بن ياسر وسعداً ، فقال : يا عمّار تقتلك الفئة الباغية ، ثم آخى بينهما ، ثم دعا عويمر بن زيد أبا الدرداء وسلمان الفارسي وقال : يا سلمان ، أنت منّا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الأوّل والآخر ، والكتاب الأوّل والكتاب الآخر ، ثم قال : ألا أرشدك يا أبا الدرداء؟ قال : بلى بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله ، قال : إن تفتقدهم تفقّدوك ، وإن تركتهم لا يتركوك ، وإن تهرب منهم يدركوك ، فأقرضهم عرضك ليوم فقرك ، واعلم أنّ الجزاء أمامك. ثم آخى بينهما.
ثم نظر في وجوه أصحابه فقال : أبشروا وقرّوا عيناً ، أنتم أوّل من يرد عليّ الحوض ، وأنتم في أعلى الغرف ، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر وقال : الحمد لله يهدي من الضلالة من يحبّ ، ويلبس الضلالة على من أحبّ ، فقال عليّ : يا رسول الله ، لقد