لا يلزم من سكوتهم إذ ذلك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام ، وبأنّ الإجماع المذكور إنّما حدث بعد الزمن الذي قيّده ابن عمر ، فيخرج حديثه عن أن يكون غلطاً. انتهى.
عزب عن ابن حجر ومن تعقّب أبا عمر أنّ الإجماع الحادث المذكور لم يكن إلاّ لتلكم السوابق التي كان يحوزها مولانا أمير المؤمنين يوم سكت ابن عمر عن اختياره ولم تكن لها جدّة ؛ وإنّما هي هي التي أثنى عليها الكتاب والسنّة ، فيلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله بعد الثلاثة عدم تفضيله على الدوام ، فإن كان مدار الإجماع على اختياره عليهالسلام يوم اختاروه هو ملكاته ، ونفسيّاته ، وسبقه في الفضائل والفواضل المفصّلة في الكتاب والسنّة فهي لا تفارقه عليهالسلام وهو المختار بها على الكلّ في أدوار حياته يوم فارق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الدنيا ، وهلمّ جرّا. وإن كان المدار غير ذلك من الشيخوخة والكبر وأمثالهما فذلك شيء لا نعرفه ، ولا نفضّله عليهالسلام على غيره بهذه التافهات التي هي شرك القوم اقتنصت بها بسطاء أُمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بيعة أبي بكر حتى اليوم.
وليت من تعقّب ابن عبد البرّ إن لم يكن يأخذ بكلّ ما جاء في عليّ أمير المؤمنين من الكتاب والسنّة الصحيحة الثابتة كان يأخذ بما جاء به قومه عن أنس فحسب ثم يحكم فيما جاء به ابن عمر ، قال أنس : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الله افترض عليكم حبّ أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، فمن أنكر فضلهم فلا تقبل منه الصلاة ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج (١).
الرياض النضرة (٢) (١ / ٢٩).
__________________
(١) أثبتنا في محلّه أنّ هذه المنقبة لا تصحّ في غير عليّ عليهالسلام ، وهي فيمن سواه تخالف الكتاب والسنّة والعقل والمنطق ، ولا تساعدها سيرتهم مدى حياتهم الدنيا. (المؤلف)
(٢) الرياض النضرة : ١ / ٤٣.