الجارود أيضاً : كان يحيى بن سعيد لا يحدّث عنه. وقول الساجي : كان يرى القدر (١) ، ولا نغمز فيها بمكان سعيد بن المسيّب الذي مرّ الإيعاز إلى ترجمته في الجزء الثامن (ص ٩) ، ولا نتكلّم في منتهى السلسلة أبي موسى الأشعري الصحابي ، إذ الصحابة كلّهم عدول عند القوم ، وإن لا يسعنا الإخبات إلى مثل هذا الرأي البهرج المحدث ، والصفح عن قول الإمام الطاهر أمير المؤمنين عليهالسلام الوارد في أبي موسى الأشعري وصاحبه عمرو بن العاص : «ألا إنّ هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حَكَمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما ، وأحييا ما أمات القرآن ، وأماتا ما أحيا القرآن ، واتّبع كلّ واحد منهما هواه بغير هدى من الله ، فحكما بغير حجّة بيّنة ، ولا سنّة ماضية ، واختلفا في حكمهما ، وكلاهما لم يرشُد ، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين» (٢) ، فأيّ جرح أعظم من هذا؟ وأيّ عدل يتصوّر في الرجل عندئذ؟
ولا نقول أيضاً بأنّ عناية القوم بتخصيص الخلفاء الثلاثة من بين الصحابة بالبشارة بالجنّة ، وإكثارهم وضع الرواية واختلاق القصص فيها تنبئنا عن أسرار مستسرّة ونحن لا نميط الستار عنها ، و (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (٣).
وإنّما نقول : إنّ هذه البشارة الصادرة من الصادع الكريم إن سُلّمت ، وكان المبشّر مصدّقاً عند سامعيها ، فلما ذا كان عمر يسأل حذيفة اليماني ـ صاحب السرّ المكنون في تمييز المنافقين ـ عن نفسه ، وينشده الله أمن القوم هو؟ وهل ذُكر في المنافقين؟ وهل عدّه رسول الله منهم (٤). والسائل جدّ عليم بأنّ المنافقين في الدرك
__________________
(١) تهذيب التهذيب : ٤ / ٣٣٨ [٤ / ٢٩٦]. (المؤلف)
(٢) راجع الجزء الثاني : ص ١٣١. (المؤلف)
(٣) المائدة : ١٠١.
(٤) تاريخ ابن عساكر : ٤ / ٩٧ [١٢ / ٢٧٦ رقم ١٢٣١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ٢٥٣] ، التمهيد للباقلاّني : ص ١٩٦ ، بهجة النفوس لابن أبي جمرة : ٤ / ٤٨ [ح ١٨٨] ، إحياء العلوم : ١ / ١٢٩ [١ / ١١٤] ، كنز العمّال : ٧ / ٢٤ [١٣ / ٣٤٤ ح ٣٦٩٦٢]. (المؤلف)