الأسفل من النار ، فهل يمكننا الجمع بين هذا السؤال المتسالم عليه وبين تلك البشارة؟ لاها الله.
وهل يتأتّى الجمع بين تلك البشارة وبين ما صحّ عن عثمان من حديث (١) اعتذاره عن خروجه إلى مكة أيّام حوصر بقوله : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «يُلحد بمكة رجل من قريش ، عليه نصف عذاب هذه الأمّة من الإنس والجنّ» فلن أكون ذلك الرجل؟ فهل هذا مقال من وثق بإيمانه بالله وبرسوله واطمأنّ به وعمل صالحاً ثم اهتدى ، فضلاً عمّن بُشّر بالجنّة بلسان النبيّ الصادق الأمين؟
٣٠ ـ أخرج البيهقي في الدلائل (٢) ، من حديث عبد الأعلى بن أبي المساور ، عن إبراهيم بن محمد بن حاطب ، عن عبد الرحمن بن بجيد (٣) ، عن زيد بن أرقم ، قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : انطلق حتى تأتي أبا بكر فتجده في داره جالساً محتبياً ، فقل : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقرأ عليك السلام ويقول : أبشر بالجنّة ، ثم انطلق حتى تأتي الثنيّة فتلقى عمر راكباً على حمار تلوح صلعته ، فقل : إنّ رسول الله يقرأ عليك السلام ويقول : أبشر بالجنّة ، ثم انصرف حتى تأتي عثمان فتجده في السوق يبيع ويبتاع ، فقل : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقرأ عليك السلام ويقول : أبشر بالجنّة بعد بلاء شديد ، فذكر الحديث في ذهابه إليهم فوجد كلاّ منهم كما ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلاّ منهم يقول : أين رسول الله؟ فيقول : في مكان كذا وكذا ، فيذهب إليه. وإنّ عثمان لمّا رجع قال : يا رسول الله وأيّ بلاء يصيبني؟ والذي بعثك بالحقّ ما تغيّبت ـ وفي لفظ : ما تغنّيت ـ ولا تمنّيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك ، فأيّ بلاء يصيبني؟ فقال : هو ذاك.
قال الأميني : إنّ الباحث في غنى عن عرفان رجال إسناد الرواية بعد وقوفه
__________________
(١) راجع : ص ١٥٣ من الجزء التاسع. (المؤلف)
(٢) دلائل النبوّة : ٦ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠.
(٣) بالباء والجيم الموحّدتين والدال المهملة ، كما في التقريب [١ / ٤٧٣]. (المؤلف)