سمعت ابن خراش يقول : حدّثنا ابن حميد وكان والله يكذب.
وقال سعيد بن عمرو البرذعي : قلت لأبي حاتم : أصحّ ما صحّ عندك في محمد ابن حميد الرازي أيّ شيء هو؟ فقال لي : كان بلغني عن شيخ من الخلقانيّين أنّ عنده كتاباً عن أبي زهير ، فأتيته فنظرت فيه ، فإذا الكتاب ليس من حديث أبي زهير وهي من حديث عليّ بن مجاهد ، فأبى أن يرجع عنه ، فقمت وقلت لصاحبي : هذا كذّاب لا يحُسن أن يكذب. قال : ثم أتيت محمد بن حميد بعد ذاك ، فأخرج إليّ ذلك الجزء بعينه ، فقلت لمحمد بن حميد : ممّن سمعت هذا؟ قال : من عليّ بن مجاهد ، فقرأه وقال فيه : حدّثنا علي بن مجاهد ، فتحيّرت فأتيت الشابّ الذي كان معي فأخذت بيده فصرنا إلى ذلك الشيخ ، فسألناه عن الكتاب الذي أخرجه إلينا ، فقال : قد استعاره منّي محمد ابن حميد. وقال أبو حاتم : فبهذا استدللت على أنّه كان يومئ إلى أنّه أمر مكشوف.
وقال [البيهقي : كان إمام الأئمة يعني] ابن خزيمة لا يروى عنه ، وقال النسائي : ليس بشيء ، قال الكناني : فقلت له : البتة؟ قال : نعم. قلت : ما أخرجت له شيئاً؟ قال : لا. وقال في موضع آخر : كذّاب وكذا قال ابن وارة ، وقال ابن حبّان (١) : ينفرد عن الثقات بالمقلوبات (٢).
فمجمل القول في الرجل أنّه كذّاب مكثر ، والذي أثنى عليه فقد خفي عليه أمره أو كان ذلك قبل ظهور ما ظهر منه من سوء حاله ، قال أبو العباس بن سعيد : سمعت داود بن يحيى يقول : حدّثنا عنه أبو حاتم قديماً ثم تركه بآخره. وقال أبو حاتم (٣) الرازي : سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر ، فقال : أيّ شيء ينقمون منه؟ فقلت : يكون في كتابه شيء فيقول : ليس هذا هكذا فيأخذ القلم
__________________
(١) كتاب المجروحين : ٢ / ٣٠٣.
(٢) تهذيب التهذيب : ٩ / ١٢٧ ـ ١٣١ [٩ / ١١١ ـ ١١٥ وما بين المعقوفتين منه]. (المؤلف)
(٣) الجرح والتعديل : ٧ / ٢٣٢ رقم ١٢٧٥.