وهلاّ كان هو الذي أوصى بقتل من خالف البيعة يوم الشورى؟ وهو جدّ عليم بأنّ المخالف الوحيد لذلك الانتخاب المزيّف هو عليّ أمير المؤمنين ـ دع هذا ـ أو أحد غيره من العشرة المبشّرة؟ (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (١).
وهل كان عثمان يخبت إلى صحّة هذه الرواية ويذعن بها ، وهو يقول بعد للمغيرة بن شعبة لمّا كلّفه أن يغادر المدينة إلى مكة حينما حوصر بها : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب هذه الأُمّة» ، فلن أكون ذلك الرجل (٢)؟ وكيف كان لم ير عليّا أفضل من مروان؟ ومروان ملعون بلسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ عليهالسلام هو المبشّر بالجنّة : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) (٣).
وهل طلحة والزبير هما اللذان قتلا عثمان وألّبا عليه وكانا كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «أهون سيرهما فيه الوجيف ، وأرفق حدائهما العنيف ، فأجلبا عليه وضيّقا خناقه ، وهما يريدان الأمر لأنفسهما ، وكانا أوّل من طعن وآخر من أمر ، حتى أراقا دمه» (٤)
وهل هما اللذان عرّفهما الإمام مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله : «كلّ منهما يرجو الأمر له ويعطف عليه دون صاحبه ، لا يمتّان إلى الله بحبل ، ولا يمدّان إليه بسبب ، كلّ واحد منهما حامل ضبّ لصاحبه ، وعمّا قليل يكشف قناعه به»؟ إلى آخر ما مرّ في هذا الجزء (ص ٥٨).
__________________
(١) النساء : ٩٣.
(٢) راجع الغدير : ٩ / ١٥٢ ، ١٥٣. (المؤلف)
(٣) الحشر : ٢٠.
(٤) راجع الغدير : ٩ / ١٠٣ ـ ١١٠. (المؤلف)