هما اللذان تقول أمّ السبطين فيهما ، شاكية نادبة ، باكية بأعلى صوتها : «يا أبت يا رسول الله ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة»؟ وهل هما اللذان نهبا تراث العترة ، وحقّ فيهما قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «صبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى ، أرى تراثي نهبا»؟ وهل أبو بكر هو الذي أوصت فاطمة ـ سلام الله عليها ـ أن لا يصلّي عليها ، وأن لا يحضر جنازتها ، فلم يحضرها هو وصاحبه؟ وهل هو الذي قالت له كريمة النبيّ الأقدس ، الطاهرة المطهّرة : «لأدعونّ عليك في كلّ صلاة أصلّيها»؟ وهل هو الذي كشف عن بيت فاطمة وآذى رسول الله فيها (١) (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢) وهل وهل إلى أن ينقطع النفس.
وهل كان عمر يصدّق هذه الرواية وكان عنده إلمام بها وهو يناشد مع ذلك حذيفة اليماني العالم بأسماء المنافقين ويسأله عن أنّه هل هو منهم؟ وهل سمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في زمرتهم (٣)؟
وهلاّ كان على يقين من هذه البشارة يوم نهى عن التكنّي بأبي عيسى أيّام خلافته وقال له المغيرة : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كنّاه بها فقال : إنّ النبيّ غُفِر له وإنّا لا ندري ما يُفعل بنا وغيّر كنيته وكنّاه أبا عبد الله (٤)؟ فكيف كان لم يدر ما يُفعل به بعد تلكم البشارة إن صدقت؟
وهلاّ كان هو الذي قاد عليّا كالجمل المخشوش إلى بيعة أبي بكر ، وهو يقول : بايع وإلاّ تُقتل؟ وهلاّ كان هو الذي أنكر أخوّة عليّ مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم ذاك ، وهي ثابتة له بالسنّة الصحيحة المتسالم عليها؟ كما أنّه أنكر من السنّة شيئاً كثيراً نبا عن الحصر.
__________________
(١) مرّ تفصيل هذه كلها في الجزء السابع. (المؤلف)
(٢) التوبة : ٦١.
(٣) الغدير : ٦ / ٢٤١. (المؤلف)
(٤) راجع الغدير : ٦ / ٣٠٨. (المؤلف)