في الجنّة مع من خالفه وناوأه وآذاه والضدّان لا يجتمعان ، وسيرة عليٍّ عليهالسلام غير سيرة أولئك الرهط ، وقد تنازل عن الخلافة يوم الشورى حذراً عن اتّباع سيرة الشيخين لمّا اشترط عليه في البيعة وأنكره بملء فمه ، وبعدهما وقع ما وقع بينه وبين عثمان ، وما ساءه قتله ولم يشهد بأنّه قتل مظلوماً ، وصحّت عنه خطبته الشقشقيّة ، ونادى في الملأ : «ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان ، وكلّ مال أعطاه من مال الله ، فهو مردود في بيت المال» (١). وبعده حاربه الناكثان وقاتلاه وقُتِلا دون مناوأته ، فكيف تجمعهم وعليّا الجنّة؟ أنا لا أدري (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ* كَلاَّ) (٢).
نظرة في المتن :
ولنا في متن الرواية نظرات وتأمّلات تزحزحنا عن الإخبات إلى صحّتها.
هل عبد الرحمن بن عوف المعزوّ إليه الرواية وهو أحد العشرة المبشّرة ، كان يعتقد بها ويصدّقها ، ومع ذلك سلّ سيفه على عليّ يوم الشورى قائلاً : بايع وإلاّ تُقتل. وقال لعليّ عليهالسلام بعد ما تمخّضت البلاد على عثمان : إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي ، إنّه قد خالف ما أعطاني. وآلى على نفسه أن لا يكلّم عثمان في حياته أبداً. واستعاذ بالله من بيعته. وأوصى أن لا يصلّي عليه عثمان. ومات وهو مهاجر إيّاه. وكان عثمان يقذفه بالنفاق ويعدّه منافقاً (٣) فهل تتلاءم هذه كلّها مع صحّة تلك الرواية وإذعان الرجلين بها؟
وهل أبو بكر وعمر المبشّران بالجنّة هما اللذان ماتت الصدّيقة بضعة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي وجدى عليهما؟ وهل هما اللذان قالت لهما : «إنّي أُشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لأشكونّكما إليه»؟ وهل
__________________
(١) راجع الجزء الثامن والتاسع من الغدير ففيهما تفصيل ما أوعزنا إليه هاهنا. (المؤلف)
(٢) المعارج : ٣٨ و ٣٩.
(٣) راجع الجزء التاسع : ص ٨٧ الطبعة الأولى وص ٩٠ الطبعة الثانية. (المؤلف)