وفي لفظ ابن عباس :
ولا يزال جوادي تلوح عظامه
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «انظروا من هما؟». قال : فقالوا : معاوية وعمرو بن العاصي ، فرفع رسول الله يديه فقال : «اللهمّ أركسهما ركساً ، ودعّهما إلى النار دعّا». وفي لفظ ابن عباس : «اللهمّ اركسهما في الفتنة ركساً».
وجاء الإيعاز إلى الحديث في لسان العرب (١) (٧ / ٤٠٤ و ٩ / ٤٣٩).
قال الأميني : لمّا لم يجد القوم غمزاً في إسناد هذا الحديث ، وكان ذلك عزيزاً على من يتولّى معاوية ، فحذف أحد الاسمين وجعل مكانهما فلاناً وفلاناً ، واختلق آخرون تجاهه ما أخرجه ابن قانع في معجمه ، عن محمد بن عبدوس كامل ، عن عبد الله بن عمر ، عن سعيد أبي العباس التيمي ، عن سيف بن عمر ، عن أبي عمر مولى إبراهيم ابن طلحة ، عن زيد بن أسلم ، عن صالح شقران ، قال : بينما نحن ليلة في سفر إذ سمع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صوتاً ، فذهبت انظر فإذا معاوية بن رافع ، وعمرو بن رفاعة بن التابوت يقول :
لا يزال جوادي تلوح عظامه |
|
ذوى الحرب عنه أن يموت فيقبرا |
فأتيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبرته فقال : «اللهمّ اركسهما ودعّهما إلى نار جهنّم دعّا» فمات عمرو بن رفاعة قبل أن يقدم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من السفر.
قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة (١ / ٤٢٧) : وهذه الرواية أزالت الإشكال وبيّنت أنّ الوهم وقع في الحديث الأوّل في لفظة واحدة وهي قوله : ابن العاصي ، وإنّما هو ابن رفاعة أحد المنافقين ، وكذلك معاوية بن رافع أحد المنافقين ، والله أعلم.
ألا من يُسائل هذا الضليع في فنّ الحديث المتعهّد لتنقيبه ، عن الإشكال في
__________________
(١) لسان العرب : ٤ / ٣٥٤ و ٥ / ٣٠١.