الحديث الأوّل من أين أتاه؟ وما الذي ثقل عليه من لفظه حتى ذهب إلى الوهم فيه؟ أفي مفاده شذوذ عن نواميس الشريعة ، أو فيه ما يخالف الكتاب والسنّة؟ أو حطّ عن مقام رجل ينزّه ذيله عن كلّ ما يُدنّس المسلم الصحيح ويشينه ويزري به؟ أو مسّ بكرامة من قدّس الإسلام ساحته عن كلّ طعن ومسبّة؟ هذا ابن هند ، وهو ابن النابغة ، وهما هما.
وهل نسي هاهنا ما عنده من الجرح في رجال هذا الإسناد الوعر لروايته التي أزالت عنه الإشكال الموهوم ، وبيّنت الوهم المزعوم الواقع في الحديث ، وسكت عمّا فيه من الغمز؟ مرسلاً إيّاه إرسال المسلّم كأنّه جاء بالصحيح الثابت ، وفيه مع رجال مجاهيل سيف بن عمر الذي قال السيوطي نفسه في اللآلئ (١ / ١٩٩) في غير هذا الحديث : إنّه وضّاع. وقال في (ص ٤٢٩) في حديث آخر : فيه ضعفاء أشدّهم سيف. وقد فصّلنا القول في ترجمة الرجل في (٨ / ٨٥ و ٣٣٣) : إنّه ضعيف متروك ، ساقط كذّاب ، وضّاع متّهم بالزندقة. أفبالموضوع المكذوب يزول الإشكال ويَبين الوهم؟ اللهمّ غفرانك.
٤ ـ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «يطلع من هذا الفجّ رجل من أُمّتي يحشر على غير ملّتي». فطلع معاوية (١).
وفي لفظ ابن مزاحم : «يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت حين يموت على غير سنّتي».
كتاب صفين (٢) (ص ٢٤٧).
أخرجه الحافظ البلاذري (٣) في الجزء الأوّل من تاريخه الكبير ، قال : حدّثني
__________________
(١) تاريخ الطبري : ١١ / ٣٥٧ [١٠ / ٥٨ حوادث سنة ٢٨٤ ه]. (المؤلف)
(٢) وقعة صفّين : ص ٢١٩.
(٣) أنساب الأشراف : ٥ / ١٣٤.