والتوثيق ، وصرّح بجهالة الإسناد ابن كثير في تاريخه (١) (٨ / ١٣٣).
وزيادة (فإنّه أمين مأمون) أقوى شاهد على بطلان الرواية واختلاقها ، وقد فصّلنا القول في أمانة الرجل (٥ / ٣١٠ و ٩ / ٢٩٤).
وجاء آخر وهو جاهل بتحريف من روى (فاقتلوه) بالموحّدة. أو أنّه لم يرقه ذلك التحريف ، فوضع رواية في أنّ معاوية غير معاوية بن أبي سفيان. أخرج الحافظ ابن عساكر (٢) ، عن محمد بن ناصر الحافظ ، عن عبد القادر بن محمد ، عن ابن إسحاق البرمكي ، عن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، قال : قال لي أبو بكر بن أبي داود لمّا روى حديث إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه : هذا معاوية بن تابوت رأس المنافقين ، وكان حلف أن يبول ويتغوّط على منبره ، وليس هو معاوية بن أبي سفيان.
قال السيوطي في اللآلئ (١ / ٤٢٥) بعد ذكر الرواية : قال المؤلّف : وهذا يحتاج إلى نقل ، ومن نقل هذا؟ قلت : قال ابن عساكر : هذا تأويل بعيد والله أعلم.
قال الأميني : هل عندك خبر بتاريخ معاوية بن تابوت؟ وأنّه أيّ ابن بيّ هو؟ ومتى ولدته أُمّ الدنيا؟ وأنّى ولد؟ وأين وُلد؟ ومن رآه؟ ومن سمع منه؟ ومن الذي أوحى خبره إلى أبي بكر بن أبي داود؟ وهل هو برَّ يمينه أو حنثها؟ وهل رآه أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على منبره وقتلوه؟ أو لم يُرَ حتى اليوم ، ولن يُرى قطّ إلى آخر الأبد؟
ونظير هذا التأويل قد جاء في حديث فاطمة بنت قيس ، قالت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ معاوية وأبا جهم خطباني. فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «معاوية صعلوك لا مال له». حكى الرافعي أنّه ليس هو معاوية بن أبي سفيان الذي ولي الخلافة ، بل هو آخر. الإصابة (٣ / ٤٩٨).
__________________
(١) البداية والنهاية : ٨ / ١٤٢ حوادث سنة ٦٠ ه.
(٢) مختصر تاريخ دمشق : ٢٥ / ٤٦.