نعم ؛ هكذا أوّله الرافعي حبّا لابن هند ، غير أنّ النووي قال : وهذا غلط صريح ، فقد وقع في صحيح مسلم في هذا الحديث : معاوية بن أبي سفيان.
قال الأميني : عرّفه مسلم بابن أبي سفيان في صحيحه (١) (٤ / ١٩٥) ، وأبو داود في السنن (٢) (١ / ٣٥٩) ، والنسائي في سننه (٣) (٦ / ٢٠٨) ، والطيالسي في مسنده (ص ٢٢٨) ، والبيهقي في السنن الكبرى (٧ / ٤٧١).
فالتأويل بغير معاوية بن أبي سفيان غلط صريح ، كما قاله النووي (٤).
ولابني كثير وحجر في تزييف حديث «فاقتلوه» خطّة أخرى ، قال ابن كثير في تاريخه (٥) (٨ / ١٣٣) : هذا الحديث كذب بلا شكّ ، ولو كان صحيحاً لبادر الصحابة إلى فعل ذلك ، لأنّهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم.
وقال ابن حجر في تطهير الجنان (٦) : يلزم على فرض صحّته نقيصة سائر الصحابة إن بلغهم ذلك الحديث ، أو نقيصة من بلغه منهم وكتمه ، لأنّ مثل هذا يجب تبليغه للأُمّة حتى يعملوا به ، على أنّه لو كتمه لم يبلغ التابعين حتى نقلوه لمن بعدهم ، وهكذا فلم يبق إلاّ القسم الأوّل وهو أن يبلغهم فلا يعملون به ، وهو لا يتصوّر شرعاً ، إذ لو جاز عليهم ذلك جاز عليهم كتم بعض القرآن أو رفض العمل به ، وكلّ ذلك محال شرعاً ، لا سيّما مع قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «تركتكم على الواضحة البيضاء». الحديث. انتهى.
ما أحسن ظنّ هؤلاء القوم بالصحابة! وما أجمله لو كان يساعده المنطق! لو لم
__________________
(١) صحيح مسلم : ٣ / ٢٩١ ح ٣٦ كتاب الطلاق.
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ٢٨٥ ح ٢٢٨٤.
(٣) السنن الكبرى : ٣ / ٢٧٤ ح ٥٣٥٢.
(٤) شرح صحيح مسلم : ١٠ / ٩٨.
(٥) البداية والنهاية : ٨ / ١٤١ حوادث سنة ٦٠ ه.
(٦) هامش الصواعق المحرقة : ص ٦٠] ص ٢٩]. (المؤلف)