له الحسن : «بلى والله لقد طاوعت معاوية على دنياه ، وسارعت في هواه ، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك ، فليتك إذ أسأت الفعل أحسنت القول ، فتكون كما قال الله تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) (١) ، ولكنّك كما قال الله تعالى : (كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٢)
٦٥ ـ عن أبي سهيل التميمي قال : حجّ معاوية فسأل عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل بالحجون يقال لها : دارميّة الحجونيّة ، وكانت سوداء كثيرة اللحم فأُخبر بسلامتها ، فبعث إليها فجيء بها ، فقال : ما جاء بك يا ابنة حام؟ فقالت : لست لحام إن عبتني ، أنا امرأة من بني كنانة ، قال : صدقت أتدرين لم بعثت إليك؟ قالت : لا يعلم الغيب إلاّ الله ، قال : بعثت إليك لأسألك علام أحببتِ عليّا وأبغضتني؟ وواليته وعاديتني؟ قالت : أَوَتعفيني؟ قال : لا أعفيك. قالت : أمّا إذا أبيتَ فإنّي أحببت عليّا على عدله في الرعيّة ، وقسمِه بالسويّة ، وأبغضتك على قتال من هو أولى منك بالأمر ، وطلبتك ما ليس لك بحقّ ، وواليتُ عليّا على ما عقد له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الولاء ، وحبّه المساكين ، وإعظامه لأهل الدين ، وعاديتك على سفكك الدماء ، وجورك في القضاء ، وحكمك بالهوى. قال : فلذلك انتفخ بطنك وعظم ثدياك ، وربت عجيزتك؟ قالت : يا هذا بهند والله كان يضرب المثل في ذلك لا بي. قال معاوية : يا هذه اربعي فإنّا لم نقل إلاّ خيرا ، إنّه إذا انتفخ بطن المرأة تمّ خلق ولدها ، وإذا عظُم ثدياها تروّى رضيعها ، وإذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها ، فرجعت وسكنت ، قال لها : يا هذه هل رأيت عليّا؟ قالت : إي والله ، قال : فكيف رأيته؟ قالت : رأيته والله لم يفتنه الملك الذي فتنك ، ولم تشغله النعمة التي شغلتك ، قال : فهل سمعت كلامه؟ قالت : نعم والله ، فكان يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صدأ الطست ، قال : صدقت ، فهل لك
__________________
(١) التوبة : ١٠٢.
(٢) المطفّفين : ١٤.