معاوية : يا صعصعة ، لَأَن تقعي على ظلعك خير لك من استبراء رأيك ، وإبداء ضعفك ، تعرض بالحسن بن علي عليّ ، ولقد هممت أن أبعث إليه. فقال له صعصعة : إي والله وجدتهم أكرمكم جدوداً ، وأحياكم حدوداً ، وأوفاكم عهوداً ، ولو بعثت إليه لوجدته في الرأي أريباً ، وفي الأمر صليباً ، وفي الكرم نجيباً ، يلذعك بحرارة لسانه ، ويقرعك بما لا تستطيع إنكاره.
فقال له معاوية : والله لأجفينّك عن الوساد ، ولأشردنّ بك في البلاد ، فقال له صعصعة : والله إنّ في الأرض لسعة ، وإنّ في فراقك لدعة ، فقال معاوية : والله لأحبسنّك عطاءك. قال : إن كان ذلك بيدك فافعل ، إنّ العطاء وفضائل النعماء في ملكوت من لا تنفد خزائنه ، ولا يبيد عطاؤه ، ولا يحيف في قضيّته. فقال له معاوية : لقد استقتلت. فقال له صعصعة : مهلاً ، لم أقل جهلاً ، ولم أستحلّ قتلاً ، لا تقتل النفس التي حرّم الله إلاّ بالحقّ ، ومن قتل مظلوماً كان الله لقاتله مقيماً ، يرهقه أليماً ، ويجرعه حميماً ، ويصليه جحيما.
٧٥ ـ لمّا ولي معاوية بن يزيد بن معاوية صعد المنبر ، فقال : إنّ هذه الخلافة حبل الله ، وإنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله ، ومن هو أحقّ به منه ، عليّ بن أبي طالب ، وركب بكم ما تعلمون ، حتى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه ، ثم قلّد أبي الأمر ، وكان غير أهل له ، ونازع ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقصف عمره ، وانبتر عقبه ، وصار في قبره رهيناً بذنوبه ، ثم بكى.
الصواعق لابن حجر (١) (ص ١٣٤).
٧٦ ـ قال الحارث بن مسمار البهراني : حبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدي ، وعبد الله بن الكوّاء اليشكري ، ورجالاً من أصحاب عليّ مع رجال من
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ص ٢٢٤.