قال : أما لو كانت لبعض أصحابك لأخذتها بستمائة ألف دينار ثم لم تِبَل (١). قال : أجل ، وإذ بخلت بأرضك ، فأنشدني شعر أبيك يرثي نفسه ، فقال : قال أبي :
يا ليت شعري حين أُندَبُ هالكاً |
|
ما ذا تؤبّنني به أنواحي |
أيقلن لا تبعد فربّ كريهةٍ |
|
فرّجتها ببشارةٍ وسماحِ |
ولقد ضربت بفضل مالي حقّه |
|
عند الشتاء وهبّة الأرواحِ |
ولقد أخذت الحقّ غير مخاصم |
|
ولقد رددت الحقّ غير ملاحِ |
وإذا دُعيت لصعبةٍ سهَّلتها |
|
أُدعى بأفلح مرّة ونجاحِ |
فقال : أنا كنت بهذا الشعر أولى من أبيك. قال : كذبت ولؤمت. قال : أمّا كذبت فنعم ، وأمّا لؤمت فَلِم؟ قال : لأنّك كنت ميّت الحقّ في الجاهليّة وميّته في الإسلام. أمّا في الجاهليّة فقاتلت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والوحي ، جعل الله كيدك المردود. وأمّا في الإسلام فمنعت ولد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الخلافة ، وما أنت وهي وأنت طليق ابن طليق؟ فقال معاوية : قد خرف الشيخ فأقيموه ، فأُخذ بيده فأُقيم.
وذكره ملخّصاً ابن حجر في الإصابة (٢ / ٤٣) من طريق آخر عن عبد الله بن الزبير وزاد : فقال : ما خرفت ولكن أنشدك الله يا معاوية ، أما تذكر لمّا كنّا جلوساً عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجاء عليّ فاستقبله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «قاتل الله من يقاتلك ، وعادى من يعاديك». فقطع عليه معاوية حديثه ، وأخذ معه في حديث آخر.
__________________
(١) لم تِبَل : لم تبالِ.