وبين الشام. فكتب إليه عثمان : أن أرحل عبادة حتى ترجعه إلى داره من المدينة ، فبعث بعبادة حتى قدم المدينة ، فدخل على عثمان في الدار وليس فيها إلاّ رجل من السابقين أو من التابعين الذين قد أدركوا القوم متوافرين ، فلم يفجَ عثمان به إلاّ وهو قاعد في جانب الدار ، فالتفت إليه وقال : ما لنا ولك يا عبادة؟ فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا القاسم يقول : «إنّه سيلي أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، فلا تضلّوا بربّكم» ، فوالذي نفس عبادة بيده إنّ فلاناً ـ يعني معاوية ـ لمن أُولئك. فما راجعه عثمان بحرف (١).
وحذا معاوية في هذه الموبقة حذو أبيه أبي سفيان ، فإنّه كان يشرب الخمر وهو من أظهر آثامه وبوائقه ، وقد جاء في حديث أبي مريم السلولي الخمّار بالطائف : أنّه نزل عنده وشرب وثمل ، وزنا بسميّة أُمّ زياد بن أبيه ، والحديث يأتي في استلحاق معاوية زياداً.
فبيت معاوية حانوت الخمر ، ودكّة الفجور ، ودار الفحشاء والمنكر من أوّل يومه ، والخمر شعار أهله ، وما أغنتهم النذر إذ جاءت ، وهم بمجنب عن قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لا بل هم أهله ـ «لعنت الخمر وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وآكل ثمنها» (٢).
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٣٢٥ [٦ / ٤٤٤ ح ٢٢٢٦٣] ، تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٢١٢ [٢٦ / ١٩٨ رقم ٣٠٧١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ٣٠٧]. (المؤلف)
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ١٦١ [٣ / ٣٢٦ ح ٣٦٧٤] ، سنن ابن ماجة : ٢ / ١٧٤ [٢ / ١١٢٢ ح ٣٣٨٠ ، ٣٣٨١] ، جامع الترمذي : ١ / ١٦٧ [٣ / ٥٨٩ ح ١٢٩٥] ، مستدرك الحاكم : ٤ / ١٤٤ ، ١٤٥ [٤ / ١٦١ ح ٧٢٢٨ ، ٧٢٢٩] ، وأخرجه أحمد في المسند : ٢ / ٧١ [٢ / ١٨٤ ح ٥٣٦٧ ، ٥٣٦٨] ، وابن أبي شيبة [في مصنّفه : ٦ / ٤٤٧ ح ١٦٦٦] ، وابن راهويه ، والبزّار [في مسنده : ٥ / ٣٩ ح ١٦٠١] ، وابن حبّان [في صحيحه : ١٢ / ١٧٩ ح ٥٣٥٦] ، راجع نصب الراية للزيلعي : ٤ / ٢٦٣. (المؤلف)