حقنت ، ونفسك تداركت ، وإلاّ اختطفتك بأضعف ريش ، ونلتك بأهون سعي ، وأُقسم قسماً مبروراً أن لا أوتى بك إلاّ في زمارة تمشي حافياً من أرض فارس إلى الشام ، حتى أُقيمك في السوق وأبيعك عبداً ، وأردّك إلى حيث كنت فيه وخرجت منه. والسلام (١).
ثم لمّا انقضت الدولة الأمويّة صار يُقال له : زياد بن أبيه ، وزياد بن أُمّه ، وزياد ابن سميّة ، أُمّه سميّة كانت لدهقان من دهاقين الفرس بزندرود بكسكر ، فمرض الدهقان فدعا الحارث بن كلدة الطبيب الثقفي فعالجه فبرأ ، فوهبه سميّة ، وزوّجها الحارث غلاماً له روميّا يقال له : عبيد. فولدت زياداً على فراشه ، فلمّا بلغ أشدّه اشترى أباه عُبيداً بألف درهم فأعتقه ، كانت أُمّه من البغايا المشهورة بالطائف ذات راية.
أخرج أبو عمر وابن عساكر قالا : بعث عمر بن الخطّاب زياداً في إصلاح فساد وقع باليمن ، فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع الناس مثلها ، فقال عمرو ابن العاص : أما والله لو كان هذا الغلام قرشيّا لساق العرب بعصاه. فقال أبو سفيان : والله إنّي لأعرف الذي وضعه في رحم أُمّه ، فقال له عليّ بن أبي طالب : «ومن هو يا أبا سفيان؟» قال : أنا. قال : مهلاً يا أبا سفيان. وفي لفظ ابن عساكر : فقال له عمرو : اسكت يا أبا سفيان فإنّك لتعلم أنّ عمر إن سمع هذا القول منك كان سريعاً إليك بالشرّ ، فقال أبو سفيان :
أما والله لو لا خوف شخصٍ |
|
يراني يا عليّ من الأعادي |
لأظهر أمره صخرُ بنُ حربٍ |
|
ولم تكن المقالة عن زيادِ |
وقد طالت مجاملتي ثقيفاً |
|
وتركي فيهمُ ثمرَ الفؤادِ |
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد : ٤ / ٦٨ [١٦ / ١٨٢ كتاب ٤٤]. (المؤلف)