يا أمير المؤمنين لا يعدم يزيد مزكّياً ما دمت له ، وما كنت لأرضى ببعض حقّي دون بعض ، فإذا أبيت فأعطني ممّا أعطاك الله. فقال معاوية : لك خراسان؟ قال سعيد : وما خراسان؟! قال : إنّها لك طعمة وصلة رحم. فخرج راضياً وهو يقول :
ذكرتُ أميرَ المؤمنين وفضلَهُ |
|
فقلت : جزاه اللهُ خيراً بما وصلْ |
وقد سبقت منّي إليه بوادرٌ |
|
من القول فيه آية العقل والزللْ |
فعاد أمير المؤمنين بفضلهِ |
|
وقد كان فيه قبلَ عودته ميَلْ |
وقال خراسان لك اليومَ طعمةٌ |
|
فجوزي أميرُ المؤمنين بما فعلْ |
فلو كان عثمانُ الغداةَ مكانهَ |
|
لما نالني من ملكه فوق ما بذلْ |
فلمّا انتهى قوله إلى معاوية ، أمر يزيد أن يزوّده ، وأمر إليه بخلعة ، وشيّعه فرسخاً (١).
قال ابن عساكر في تاريخه (٢) (٦ / ١٥٥) : كان أهل المدينة يحبّون سعيداً ويكرهون يزيد ، فقدم على معاوية ، فقال له : يا بن أخي ما شيء يقول أهل المدينة؟ قال : ما يقولون؟ قال : قولهم :
والله لا ينالها يزيدُ |
|
حتى يعضّ هامه الحديدُ |
إنّ الأمير بعده سعيدُ
قال : ما تنكر من ذلك يا معاوية؟ والله إنّ أبي لخير من أبي يزيد ، ولأُمّي خير من أُمّه ، ولأنا خير منه ، ولقد استعملناك فما عزلناك بعد ، ووصلناك فما قطعناك ، ثم صار في يديك ما قد ترى فحلأتنا (٣) عنه أجمع. فقال له : أمّا قولك. الحديث.
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ١ / ١٥٧ [١ / ١٦٤]. (المؤلف)
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٢١ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤ رقم ٢٥٢٠ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٩ / ٣٣٥.
(٣) حلأه عن الشيء : منعه عنه.