أرسل إليهم فإن بايعوك كنت رجلاً منهم وإلاّ لم تكن عجلت عليّ بأمر. قال : وتفعل؟ قال : نعم. فأخذ عليه أن لا يخبر بحديثهما أحداً فخرج وقد أقعد له ابن الزبير رجلاً بالطريق فقال : يقول لك أخوك ابن الزبير : ما كان؟ فلم يزل به حتى استخرج منه شيئاً.
ثم أرسل معاوية إلى ابن الزبير فخلا به ، فقال له : قد استوثق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم يا ابن أخي فما أربك إلى الخلاف؟ قال : فأرسل إليهم فإن بايعوك كنت رجلاً منهم ، وإلاّ لم تكن عجلت عليّ بأمر. قال : وتفعل؟ قال : نعم. فأخذ عليه أن لا يخبر بحديثهما أحداً.
فأرسل بعده إلى ابن عمر فأتاه وخلا به ، فكلّمه بكلام هو ألين من صاحبيه ، وقال : إنّي كرهت أن أدع أمّة محمد بعدي كالضأن لا راعي لها (١) ، وقد استوثق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر أنت تقودهم فما أربك إلى الخلاف؟ قال ابن عمر : هل لك في أمر تحقن به الدماء ، وتدرك به حاجتك؟! فقال معاوية : وددت ذلك. فقال ابن عمر : تبرز سريرك ثم أجيء فأُبايعك على أنّي [بعدك] (٢) أدخل فيما اجتمعت عليه الأمّة ، فو الله لو أنّ الأُمّة اجتمعت [بعدك] (٣) على عبد حبشيّ لدخلت فيما تدخل فيه الأُمّة. قال : وتفعل؟ قال : نعم ثم خرج.
وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر ، فخلا به قال : بأيّ يد أو رجل تقدم على معصيتي؟ فقال عبد الرحمن : أرجو أن يكون ذلك خيراً لي. فقال معاوية : والله لقد هممت أن أقتلك. فقال : لو فعلت لأتبعك الله في الدنيا ، ولأدخلك في الآخرة النار. ثم خرج.
__________________
(١) أتصدّق أنّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك أمّته كالضأن لا راعي لها ولم يرض بذلك معاوية؟! حاشا نبيّ الرحمة عن أن يدع الأمّة كما يحسبون ، غير أنهم نبذوا وصيّته وراء ظهورهم ، وجرّوا الويلات على الأُمّة حتى اليوم. (المؤلف)
(٢) من الإمامة والسياسة.
(٣) من الإمامة والسياسة.