منزله ، ومضى عبد الله بن عبّاس إلى المسجد ، فدخله.
وأقبل معاوية ومعه خلق كثير من أهل الشام حتى أتى عائشة أمّ المؤمنين فاستأذن عليها ، فأذنت له وحده ، لم يدخل عليها معه أحد ، وعندها مولاها ذكوان ، فقالت عائشة : يا معاوية أكنت تأمن أن أُقعِد لك رجلاً فأقتلك كما قتلت أخي محمد ابن أبي بكر؟ فقال معاوية : ما كنت لتفعلين ذلك. قالت : لم؟ قال : لأنّي في بيت آمن ، بيت رسول الله. ثم إنّ عائشة حمدت الله وأثنت عليه ، وذكرت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذكرت أبا بكر وعمر ، وحضّته على الاقتداء بهما والاتّباع لأثرهما ، ثم صمتت ، قال : فلم يخطب معاوية ، وخاف أن لا يبلغ ما بلغت ، فارتجل الحديث ارتجالاً ، ثم قال :
أنت والله يا أمّ المؤمنين العالمة بالله وبرسوله دللتِنا على الحقّ ، وحضضتِنا على حظّ أنفسنا ، وأنت أهل لأن يُطاع أمرك ، ويُسمع قولك ، وإنّ أمر يزيد قضاء من القضاء ، وليس للعباد الخيرة من أمرهم! وقد أكّد الناس بيعتهم في أعناقهم ، وأعطوا عهودهم على ذلك ومواثيقهم ، أفترى أن ينقضوا عهودهم ومواثيقهم؟!
فلمّا سمعت ذلك عائشة علمت أنّه سيمضي على أمره ، فقالت : أمّا ما ذكرت من عهود ومواثيق فاتّق الله في هؤلاء الرهط ، ولا تعجل فيهم ، فعلّهم لا يصنعون إلاّ ما أحببت.
ثم قام معاوية ، فلمّا قام قالت عائشة : يا معاوية قتلت حُجراً وأصحابه العابدين المجتهدين. فقال معاوية : دعي هذا ، كيف أنا في الذي بيني وبينك وفي حوائجك؟ قالت : صالح. قال : فدعينا وإيّاهم حتى نلقى ربّنا.
ثم خرج ومعه ذكوان فاتّكأ على يد ذكوان وهو يمشي ويقول : تالله إن رأيت كاليوم قط خطيباً أبلغ من عائشة بعد رسول الله ، ثم مضى حتى أتى منزله ، فأرسل إلى الحسين بن عليّ فخلا به ، فقال له : يا ابن أخي قد استوثق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم ، يا ابن أخي فما أربك إلى الخلاف؟ قال الحسين :