الشمس أنوار السُّرُج ، ولقد فضّلت حتى أفرطت ، وأستأثرت حتى أجحفت ، ومنعت حتى بخلت ، وجرت حتى جاوزت ، ما بذلت لذي حقّ من أتمّ (٢) حقّه بنصيب حتى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ، ونصيبه الأكمل.
وفهمت ما ذكرته عن يزيد ، من اكتماله ، وسياسته لأُمّة محمد ، تريد أن توهم الناس في يزيد ، كأنّك تصف محجوباً ، أو تنعت غائباً ، أو تخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاصّ ، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التهارش ، والحمام السبّق لأترابهنّ ، والقينات ذوات المعازف ، وضروب الملاهي ، تجده باصراً ، ودع عنك ما تحاول ، فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه! فو الله ما برحت تقدّر (٣) باطلاً في جور ، وحنقاً في ظلم ، حتى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود ، ولات حين مناص.
ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا [تراثاً] ، ولقد ـ لعمر الله ـ أورثنا الرسول عليه الصلاة والسلام ولادة ، وجئت لنابها ما (٤) حججتم به القائم عند موت الرسول ، فأذعن للحجّة بذلك ، وردّه الإيمان إلى النصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم : كان ويكون ، حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتأميره له ، وقد كان ذلك ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار لعمرو يومئذ حتى أَنِفَ القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدّوا عليه أفعاله ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا جرم معشر
__________________
(٢) في الطبعة المعتمدة من الإمامة والسياسة : اسم.
(٣) في الطبعة المعتمدة من الإمامة والسياسة : تقدح.
(٤) في الطبعة المعتمدة من الإمامة والسياسة : أما.