الخمور ، ومباشرة الفجور ، ومنادمة القيان ذوات المعازف ، ومهارشة الكلاب ، إلى ما لا يتناهى من مظاهر الخزاية ، وقد عرفته الناس بذلك كلّه منذ أولياته وعرّفه به أُناس آخرون ، وحسبك شهادة وفدٍ بعثه أهل المدينة إلى يزيد ، وفيهم : عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة ، وعبد الله بن أبي عمرو المخزومي ، والمنذر بن الزبير ، وآخرون كثيرون من أشراف أهل المدينة ، فقدموا على يزيد فأكرمهم ، وأحسن إليهم ، وأعظم جوائزهم ، وشاهدوا أفعاله ، ثم انصرفوا من عنده وقدموا المدينة كلهم إلاّ المنذر ، فلمّا قدم الوفد المدينة قاموا فيهم ، فأظهروا شتم يزيد وعتبة (١) ، وقالوا : إنّا قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويعزف بالطنابير ، ويضرب عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويُسامر الحُرّاب ـ وهم اللصوص والفتيان ـ وإنّا نُشهدكم أنّا قد خلعناه ، فتابعهم الناس (٢).
وقال عبد الله بن حنظلة ، ذلك الصحابيّ العظيم المنعوت بالراهب ، قتيل يوم الحرّة يومئذٍ : يا قوم اتّقوا الله وحده لا شريك له ، فو الله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، إنّ رجلاً ينكح الأُمّهات والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاءً حسناً (٣)
ولمّا قدم المدينة أتاه الناس ، فقالوا : ما وراءك؟ قال : أتيتكم من عند رجل ، والله لو لم أجد إلاّ بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم (٤).
__________________
(١) كذا في تاريخ الطبري ، وفي الكامل والبداية والنهاية : شتم يزيد وعيبه ، وهو الصحيح ظاهراً.
(٢) تاريخ الطبري : ٧ / ٤ [٥ / ٤٨٠ حوادث سنة ٦٢ ه] ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٤٥ [٢ / ٥٨٨ حوادث سنة ٦١ ه] ، تاريخ ابن كثير : ٨ / ٢١٦ [٨ / ٢٣٥ حوادث سنة ٦٢ ه] فتح الباري : ١٣ / ٥٩ [١٣ / ٧٠]. (المؤلف)
(٣) تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٣٧٢ [٢٧ / ٤٢٩ رقم ٣٢٧٠ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ١٢٧]. (المؤلف)
(٤) تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٣٧٢ [٢٧ / ٤٢٧ رقم ٣٢٧٠ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ١٢٧] ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٤٥ [٢ / ٥٨٨ سنة ٦٢ ه] ، الإصابة : ٢ / ٢٩٩ [رقم ٤٦٣٧]. (المؤلف)