ولم تكن البلاد تمخّضت عليه ، وما نقم عليه عباد الله الصالحون.
وأنّ قاتله لم يُجهل من يوم أودى به ، وكان مشهوداً يُشار إليه ، ولم يكن قتيل عمّيّة (١) لا يُدرى من قتله ، حتى تكون ديته من بيت مال المسلمين.
ولم يُقتل الذين باشروا قتله ، وكان قد بقي منهم باقية يقتصّ منها.
وأنّ المهاجرين والأنصار ما اجتمعوا على قتله ، ولم تكن لأولئك المجتهدين العدول يد في تلك الواقعة ، ولم يشارك في دمه عيون الصحابة.
وأنّ أهل المدينة ليسوا كاتبين إلى من بالآفاق من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزّ وجلّ تطلبون دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ دين محمد قد أفسده من خلفكم وترك ، فهلمّوا فأقيموا دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأنّ المهاجرين لم يكتبوا إلى من بمصر من الصحابة والتابعين : أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها ، فإنّ كتاب الله قد بُدّل ، وسنّة رسول الله قد غُيّرت ، وأحكام الخليفتين قد بُدّلت. إلى آخر ما مرّ (ج ٩).
وأنّ طلحة ، والزبير ، وأمّ المؤمنين عائشة ، وعمرو بن العاص ، لم يكونوا أشدّ الناس عليه ، ولم يكن لهم تركاض وراء تلك الثورة.
وما قرع سمع الدنيا نداء عثمان : ويلي على ابن الحضرميّة ـ يعني طلحة ـ أعطيته كذا وكذا بهاراً ذهباً وهو يروم دمي ، يحرّض على نفسي.
وأنّ طلحة لم يقل : إن قُتل ـ عثمان ـ فلا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، وأنّه لم يمنع الناس عن إيصال الماء إليه.
وأنّ مروان لم يقتل طلحة دون دم عثمان ، ولم يُؤثر عنه قوله يومئذ : لا أطلب بثأري بعد اليوم.
__________________
(١) بكسر العين والميم المشدّدة مع تشديد الياء. (المؤلف)