قال : فإنّ الله عزّ وجلّ يقول : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (١). قال : قد فعلنا وقد قاتلناهم حتى كان الدين لله ، فأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى يكون الدين لغير الله.
وأخرج في الحلية (١ / ٢٩٤) من طريق القاسم بن عبد الرحمن : أنّهم قالوا لابن عمر في الفتنة الأولى : ألا تخرج فتقاتل؟ فقال : قد قاتلت والأنصاب بين الركن والباب حتى نفاها الله عزّ وجلّ من أرض العرب ، فأنا أكره أن أُقاتل من يقول لا إله إلاّ الله.
دع ابن عمر يحسب نفسه أفقه من كلّ الصحابة من المهاجرين الأوّلين والأنصار الذين باشروا الحرب مع أمير المؤمنين صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلكم المعامع ، ولكن هل كان يجد نفسه أفقه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث أمر أصحابه بمناصرة مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام فيها ، وأمره ـ صلوات الله عليه ـ بمباشرة هاتيك الحروب الدامية ، ونهى عن التثبّط عنها. وهل كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلم أنّ المقاتلين من الفئتين من أهل لا إله إلاّ الله فأمر بالمقاتلة مع عليّ عليهالسلام؟ أو عزب عنه علم ذلك فأمر بإراقة دماء المسلمين؟ غفرانك اللهمّ.
وهل علم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ نتيجة ذلك القتال أن يكون الدين لغير الله فحضّ عليه؟
أو فاته ذلك لكن علمه ابن عمر فتجنّبه؟ أعوذ بالله من شطط القول.
وما أشبه اعتذار ابن عمر باعتذار أبيه يوم أمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقتل ذي الثدية رأس الخوارج ، فما قتله واعتذر بأنّه وجده متخشّعاً واضعاً جبهته لله. راجع الجزء السابع (ص ٢١٦).
ثم إنّ كون الدين لغير الله ، هل كان من ناحية مولانا أمير المؤمنين علي ، وكان
__________________
(١) البقرة : ١٩٣.