وهل كان على لسان الرجل عقال عيّ به عن سرد فضائل أمير المؤمنين وتبكّمت عليه ممّا ملأ بين الخافقين؟ وقد نزلت فيه عليهالسلام ثلاثمائة آية ، وجاءت في الثناء عليه آلاف من الأحاديث لم يُرْوَ منها عن ابن عمر إلاّ نزر يعدّ بالأنامل ، وذلك بصورة مصغّرة مشوّهة ، يضمّ آراءه السخيفة إليها مثل ما أخرجه أحمد في مسنده (١) (٢ / ٢٦) عن ابن عمر قال : كنّا نقول في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : رسول الله خير الناس ، ثم أبو بكر ، ثم عمر ، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لَأَن تكونَ لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم! زوّجه رسول الله ابنته وولدت له ، وسدّت الأبواب إلاّ بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر.
وفي حديث : قيل لابن عمر : ما قولك في عليّ وعثمان؟ فقال ابن عمر : أمّا عثمان فقد عفا الله عنه فكرهتم أن تعفوا ، وأمّا عليّ فابن عمّ رسول الله وختنه (٢).
وتراه يوازن أبا بكر وعمر وعثمان مع رسول الله ويزنهم بميزان قسطه الذي فيه ألف عين ، ثم يرفعه ولم تلحق الزنة عليّا. أخرج أحمد في المسند (٣) (٢ / ٧٦) من طريق ابن عمر ، قال : خرج علينا رسول الله ذات غداة بعد طلوع الشمس ، فقال : رأيت قُبيل الفجر كأنّي أُعطيت المقاليد والموازين ، فأمّا المقاليد فهذه المفاتيح ، وأمّا الموازين فهي التي تَزِنون بها ، فوُضعت في كفّة ووضعت أُمّتي في كفّة ، فوُزنت بهم فرجَحتُ ، ثم جيء بأبي بكر فوزن بهم فوزن ، ثم جيء بعمر فوزن [فوزن] (٤) ، ثم جيء بعثمان فوزن بهم. ثم رفعت.
يؤيّد ابن عمر بهذه الأسطورة رأيه في المفاضلة بين الصحابة ، وأنّه لا تفاضل
__________________
(١) مسند أحمد : ٢ / ١٠٤ ح ٤٧٨٢.
(٢) أخرجه البخاري [في صحيحه : ٤ / ١٦٤١ ح ٤٢٤٣]. (المؤلف)
(٣) مسند أحمد : ٢ / ١٩٤ ح ٥٤٤٦.
(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.