٢ ـ اشتهار ثبوت الحكم للموضوع بالدعايات ووسائل النشر والاعلام ونحوها مما يوجب تلقيناً نفسياً للمجتمع. ولعل هذه الجهة هي الموجبة لاستعمال هذا الاسلوب في مواضيع كان محتوى الدليل فيها مخالفاً لما هو المشهور لدى العامة ك ( لا طلاق إلا باشهاد ) فإن العامة ترى صحة الطلاق بلا اشهاد.
٣ ـ أن يكون العموم الملحوظ لدى المخاطب ذا لسان آبٍ عن التخصيص كما قد يقال في قوله تعالى : ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا ) (١) ففي هذه الحالة لا يناسب استخدام الاسلوب الصريح وهو اسلوب التخصيص ، باعتبار منافاته مع لسان العامّ. بل لا بُدّ من اختيار أسلوب الحكومة المنسجم معه كما مرّ ذلك.
فهذه بعض مناشئ الارتكاز الذهني بين الحكم وموضوعه.
فمثل هذه العوامل والاسباب هي التي تقتضي أن يعبر الشارع عن مقصوده بلسان غير مباشر حتى لا يصطدم بالمشاعر والاحاسيس والمرتكزات الذهنية المحترمة لدى الجمهور.
فهذه هي النكتة العامة لأسلوب الحكومة.
لكن هذه النكتة إنما هي فيما كان مصبّ النفي أو الاثبات فيها نفس الحكم أو ما يرتبط به كالموارد الخمسة الأُولى من موارد السلب التنزيلي التي سبق ذكرها في الأَمر الأَوّل ، وأما حيث يكون مصب ذلك امرا خارجياً مسبباً عن الحكم كالحرج والضرر ـ وهو المورد السادس من تلك الموارد ـ فإنه لا تتأتى فيه هذه النكتة كما هو واضح. بل لا يبعد ان تكون النكتة في العدول إلى لسان التنزيل في مثل ذلك بيان عدم تناسب ثبوت الحكم المسبّب إلى
__________________
(١) يونس ١٠ / ٣٦.