على خلاف المراد التفهيمي للدليل المزبور.
وبذلك يتّضح أنّه لا يتم تقديم الحاكم على اساس عدم معارضته مع المحكوم وشرحه له.
نعم : لو فسرنا التعارض بالتنافي في الحجية ـ كما ذهب إليه المحقق الخراساني ـ لم يكن هناك تعارض بين الحاكم والمحكوم كسائر موارد الجمع العرفي لكن حجية أحد الدليلين فيهما في طول حجية الآخر ، لكن عدم التعارض بين الدليلين بهذا المعنى لا يغني عن وجود نكتة دلالية مثلاً تفرض تقديم أحد الدليلين على الآخر ، بل هومتفرع على وجود مثل هذه النكتة.
الوجه الثاني : أن يقال إن الحاكم مسوق لتحديد المحكوم لكونه ناظراً إليه مباشرة فهو قرينة شخصية قد نصبها المتكلم على مراده بالمحكوم.
وهذا الوجه مبني على الرأي المعروف لدى الأصوليين من تقوم الحكومة بنظر الحاكم إلى الدليل المحكوم وقد سبق انه غير تام.
الوجه الثالث : ما هو المختار وهو ان اسلوب الحكومة وإن لم يكن مسوقاً للنظر إلى أي دليل آخر بل هو ناظر بالاصالة إلى ارتكاز ذهني عامّ مخالف لمؤدى الدليل لكنه ناظر بنحو غير مباشر إلى نفي ما يكون حجة على هذا الارتكاز المخالف ، وبذلك يستبطن تحديد تلك الحجة متى كانت عموماً أو اطلاقاً ، وهذه مزية دلالية تستوجب تقديمه على تلك الحجة وتحديدها به.
بقي هنا امران :
الأَمر الأَوّل : انه قد يوحي كلمات كثير من الأصوليين ان الدليل الحاكم بموجب نظره إلى المحكوم يوجب تقدمه عليه مطلقاً بلا استثناء وشذوذ ، وهذا لا يخلو عن غلوّ وافراط ، فان هناك جملة من الحالات تطرأ على هذا الأسلوب ـ كما تطرأ على اسلوب التصريح ـ لا يجوز فيها تقديمه