قال : بما لا يدفع ، وهو ميراث ابنتيهما من البيت.
قال له : قد استحقّا ثمناً من بين تسع حشايا كنَّ لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد ظلمت صاحبك وهو يجحد فاطمة عليهاالسلام ميراثها ، وأنت تزعم أن ميراث النساء قد أوجبه لا بنتيهما ، وأسقط الكثير من ميراث فاطمة عليهاالسلام ، وإن أحببت أجبتك إلى ما ادّعيت من الميراث ، فنظرنا هل يصير لا بنتيهما على قدر الحصّة من الحصص التسع فعلنا.
فقال أبو حنيفة والثوري : قم ويلك! كم تزري عليهما وتلزمهما الحجّة؟ إذا كان هكذا من أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يورِّث ، وقد احتمل لك أبو جعفر الحجّة ، وطلبت المقاسمة ، والله ما يصير لهما قدر ذراعين في البيت.
فالتفت أبو جعفر إلى الجماعة ، وقال : قد أبصرتم وسمعتم ، مع أنّي لم أذكر أشياء أخر ادّخرتها ، ثمَّ التفت إلى الحروري وقال : إذا كنّا نعلم أن حرمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ميِّت كحرمته وهو حيٌّ ، وقد أمر الله أن تغضَّ الأصوات عنده ، وأثاب فاعل ذلك ومعتمده ، فمن جعل لأبي بكر وعمر أن يضرب بالمعاول عنده ليدفنهما؟
فانقطع ، وكأنما أخرس لسانه ، فالتفت إليه الجماعة وقالوا : يا أبا جعفر! أنت الذي لا يقوم لك مناظر ، ولا تؤخذ عليك حجّة ، وقاموا وعليهم الخزية ، وسمَّوه من ذلك الوقت : شيطان الطاق ، رضي الله عنه ورحمه (١).
__________________
١ ـ مختصر أخبار شعراء الشيعة ، المرزباني الخراساني : ٩٠ ـ ٩٥.