قلت : وكيف يرد عليك من الأحكام ما ليس له في كتاب الله أثر ، ولا في سنَّة نبيِّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خبر؟
قال : أخبرك ـ يابن أخي ـ حديثاً حدَّثَنَاه بعض أصحابنا ، يرفع الحديث إلى عمر بن الخطاب ، أنه قضى قضيَّة بين رجلين ، فقال له أدنى القوم إليه مجلساً : أصبت يا أميرالمؤمنين ، فعلاه عمر بالدرّة وقال : ثكلتك أمُّك ، والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ ، إنما هو رأي اجتهدته ، فلا تزكّونا في وجوهنا.
قلت : أفلا أحدِّثك حديثاً؟
قال : وما هو؟
قلت : أخبرني أبي ، عن أبي القاسم العبدي ، عن أبان ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه قال : القضاة ثلاثة ، هالكان وناج ، فأمَّا الهالكان فجائر جار متعمِّداً ، ومجتهد أخطأ ، والناجي من عمل بما أمر الله به .. فهذا نقض حديثك يا عمّ.
قال : أجل والله يابن أخي ، فتقول أنت : إن كل شيء في كتاب الله عزَّ وجلَّ؟
قلت : الله قال ذلك ، وما من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي إلاّ وهو في كتاب الله عزَّ وجلَّ ، عرف ذلك من عرفه ، وجهله من جهله ، ولقد أخبرنا الله فيه بما لا نحتاج إليه ، فكيف بما نحتاج إليه؟!
قال : كيف قلت؟
قلت : قوله : ( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا ) (١).
قال : فعند من يوجد علم ذلك؟
__________________
١ ـ سورة الكهف ، الآية : ٤٢.