وقد كانوا أكثر من عشرة آلاف ، فلم يتخلف معه إلاَّ علي عليهالسلام والعباس وجماعة أخرى ، والباقون سلَّموا نبيَّهم إلى القتل ، ولم يخشوا العار ولا النار ، ولم يستحيوا من الله ولا من رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وممَّا يشاهدانهما عياناً.
وقال الله تعالى : ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً ) (١) فإذا كانوا يتركون الصلاة خلفه للتفرُّج على القافلة ، فكيف يستبعد ميلهم إلى الدنيا بعده ، واتّباعهم هوى أنفسهم في طلب الملك؟ وقد أخبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك في الأخبار المتقدّمة.
وذكرت له قول أبي بكر : إن لي شيطاناً يعتريني (٢) ، وعزله عن براءة ، فلم يؤمن عليها ، وهي سورة واحدة ، وهزيمته وهزيمة عمر في خيبر وعدّة مواطن (٣).
__________________
١ ـ سورة الجمعة ، الآية : ١١.
٢ ـ المصنّف ، عبدالرزاق الصنعاني : ١١ / ٣٣٦ ح ٢٠٧٠١ ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : ٣ / ٢١٢ ، المعيار والموازنة ، أبو جعفر الإسكافي : ٦١ ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : ٣٠ / ٣٠٣ ، البداية والنهاية ، ابن الأثير : ٣٣٤ ، الإمامة والسياسة ، ابن قتيبة : ١ / ٣٤.
٣ ـ روى الحاكم النيسابوري بالإسناد عن أبي ليلى ، عن علي عليهالسلام أنه قال : يا أبا ليلى! أما كنت معنا بخيبر؟ قال : بلى والله ، كنت معكم ، قال : فإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث أبا بكر إلى خيبر ، فسار بالناس وانهزم حتى رجع. قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وروى أيضاً بالإسناد عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دفع الراية يوم خيبر إلى عمر ، فانطلق فرجع يجبِّن أصحابه ويجبّنونه ، قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
( المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ٣ / ٣٧ ـ ٣٨ ).
وروى ابن عساكر بالإسناد عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا بكر إلى خيبر ، فهزم فرجع ، فبعث عمر فهزم ، فرجع يجبِّن أصحابه ويجبِّنه أصحابه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لأدفعنَّ الراية إلى رجل يحبُّ الله ورسوله ، ويحبُّه الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، فدعا علياً ،