وإليك ما دار بينهم من المناظرات والمسألة لتقف على المواهب العالية كيف يخصُّ الله تعالى بعض عباده بها؟
قال سماحته لأحمد أمين : من العسير أن يلمَّ بما حول النجف وأوضاعها ـ وهي تلك المدينة العلميّة المهمّة ـ شخص لا يلبث فيها أكثر من سواد ليلة واحدة ، فإنّي قد دخلت مصركم قبل عشرين سنة ، ومكثت فيها مدّة ثلاثة أشهر متجوِّلا في بلدانها ، باحثا ومنقِّباً ، ثمَّ فارقتها وأنا لا أعرف من أوضاعها شيئاً إلاَّ قليلا ضمَّنته أبياتاً أتذكَّر منها :
تبزغ شمس العلى ولكن |
|
من أفقها ذلك البزوغ |
ومثلما تنبغ البرايا |
|
كذا لبلدانها نبوغ |
أكل شيء يروج فيها |
|
اللهو وألزهو والنزوغ |
فضحكوا من كلمة النزوغ.
قال الأستاذ أحمد أمين مخاطباً الشيخ : قلتم هذا قبل عشرين سنة؟
قال : نعم ، وقبل أن ينبغ طه حسين ، ويبزغ سلامة موسى ، ويبزغ فجر الإسلام ، وقد ضمَّنته ـ مخطاباً أحمد أمين ـ من التلفيقات عن مذهب الشيعة مالا يحسن بالباحث المؤرِّخ اتّباعه (١).
__________________
١ ـ قال العلاّمة الأميني عليه الرحمة في كتابه القيِّم الغدير : ٣ / ٣١٠ : فجر الإسلام ، ضحى الإسلام ، ظهر الإسلام ، هذه الكتب ألفَّها الأستاذ أحمد أمين المصري لغاية هو أدرى بها ، ونحن أيضاً لا يفوتنا عرفانها ، وهذه الأسماء الفخمة لا تغرُّ الباحث النابه مهما وقف على ما في طيِّها من التافهات والمخازي ، فهي كاسمه ( الأمين ) لا تطابق المسمَّى ، وأيم الله إنه لو كان أميناً لكان يتحفَّظ على ناموس العلم والدين والكتاب والسنّة ، وكفِّ القلم عن تسويد تلك الصحائف السوداء .. ولم يطمس الحقائق ، ولم يظهرها للناس بغير صورها الحقيقيّة المبهجة ، ولم يحرِّف الكلم عن مواضعها ، ولم