قلت : لا أخال أن الأستاذ العقّاد كتب ما يشفي الغليل ; إذ ليس بوسعه ولا بوسع أمَّة من أمثاله عرفان شخصيّة الإمام علي عليهالسلام على حقيقتها مهما جدّوا واجتهدوا في ذلك ، وبهذا طرأ على الأستاذ وأبنائه استغراب وتفكير ، واستغرق ذلك شيئاً من الوقت في جوٍّ يسوده الهدوء.
فتقدَّمت بالكلام وقلت : تسمحون لي ، قد أكون أنا في كلامي أوجدت نزاعاً بينكم ، إذ بعد أن أترك الدار ستقوم القائمة بينكم ، فتعترضون على والدكم قائلين : يا بابا! كيف يتسنَّى لشخص بهذه البزّة ، وهذا الهيكل أن يقف على الغثّ والسمين ، ويتعرَّف على ما جاء في كتاب ( عبقريَّة الإمام عليهالسلام )؟ وستكون إجابة الأستاذ إليكم : كلاّ يا أبنائي ، ليس الأمر كما تزعمون ، بل إن الرجل عالم من علماء أمَّة من المسلمين ، وعلى علم بكل شيء ، إلاَّ أنه لا يروقه أن يثني على كتاب أديب سنّيٍّ مخالف لنزعته الدينيّة.
وحتى لا أكون أضرمت نار الفتنة بينكم سأقوم بحسم النزاع بعد أن أعرض على الأستاذ شواهد كلامي ، وإن كنت مخطئاً فسيتولَّى مناقشتي برأيه الصائب ، ويقضي بالحقِّ ، وهو أستاذ القضاء ، ومربّي رجالاته.
عند ذلك سألت الأستاذ الأعظمي قائلا : هل يسعنا أن نقيس الأستاذ العقّاد في الفكر والنظر بواحد من العلماء أمثال : أبي نعيم الإصفهاني ، الفخر الرازي ، ابن عساكر ، الكنجي الشافعي ، أو أخطب خوارزم ، وأضرابهم ممَّن كتبوا حول الإمام أميرالمؤمنين عليهالسلام مؤلَّفاً خاصاً ، أو تطرَّقوا إلى ناحية من حياته في تآليفهم؟
أجاب الأستاذ قائلا : شيخنا! من الجفاء بحقِّ العلم والعلماء أن نقيس مائة من أمثال العقّاد بواحد ممَّن ذكرتم ، إذ أن أولئك أساطين العلم وجهابذة الفكر