فقال : لماذا؟
قلت : إن أبا هريرة أحد أفراد رجال الصفة ، وهم عدّة قليلون يسعون طول النهار لتحصيل قوت يومهم ، ولذلك لا ترى لأحدهم سوى خمسة أحاديث أو ثلاثة وهكذا ، وإن أبا هريرة كان واحداً منهم ، فكيف استطاع رواية آلاف الأحاديث بعد النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!
فقام الأستاذ شاكر ، وتناول كتاباً من مكتبته بحجم متوسِّط ، ودفعه إليَّ وقال : انظر صفحات هذا الكتاب ، وعلى كم صفحة يحتوي.
قلت : ٢٣٠ صفحة.
فقال : الصفحة فيها كم سطر؟
قلت : ٢٣ سطراً.
فقال : اضرب أسطر الكتاب بالصفحات فكم يكون الحاصل؟
قلت ـ بعد أن قمت بعملية الضرب ـ : ٥٢٩٠ سطراً.
فأخذ الكتاب بيده وقال : أنت تستكثر حفظ هذا الكتاب على أبي هريرة.
فقلت له : يا أستاذ! كيف اختصَّ أبو هريرة بسماع هذه الأحاديث وحفظها من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يختصَّ بها غيره من هو أخصُّ الناس بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!
فأجابني قائلا : أبو هريرة كان ملازماً للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فأجبته : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحضر أوقات الصلوات في المسجد ، وكان عنده تسعة أزواج ، وكان يحضر ويجيب دعوة من يدعوه من الصحابة ، وإن أبا
__________________
روايته حتى قالت عائشة : رحم الله أبا هريرة ، لقد كان رجلا مهذاراً ، وفي لسان العرب مادة هذر : الهذر هو الكلام الذي لا يعبأ به ، وهذر في كلامه كفرح : أكثر من الخطأ والباطل ، والهذر : الكثير الردي.