فتدخلّت بلطف لأحسم هذا النزاع فقلت : يا أخي العزيز سأعطيك دليلا أوضح كي لا يبقى بعده عندك عذر مقبول ، وإن شئت بعده أن تبقى على رأيك فأنت حرّ ، ورأيك محترم.
أعطيته صحيح البخاري وقلت : اقرأ وحدك بصوت عال حتى يسمع الجميع ، وأخذ الكتاب وقرأ : حدّثني عبد الله بن محمّد ، حدّثنا هشام بن يوسف ، أخبرنا معز بن الزّهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا عدوى ولا صفر ولا هامّة ، فقال أعرابي : يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمّل كأنها الطباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يوردن ممرّض على مصح.
وأنكر أبو هريرة الحديث الأوقات : قلنا ألم تحدّث أنه لا عدوى ، فرطن بالحبشيّة ، قال أبو سلمة : فما رأيته نسي حديثاً غيره (١).
وصاح فرحا ألم أقل لكم أنه نسي ، ودار الجدال من جديد بينه وبين رفاقه يحاول هو إقناعهم بنزاهة أبي هريرة ملتمسا له عذر السّهو والنسيان والغلط ، وهم لا يقبلون منه هذا الاعتذار ولكنّهم يردّدون : ما كنّا نعرف هذا عن أبي هريرة.
قلت : لو كانت المسألة تتعلّق بالسّهو والنسيان لهانت ، ولكن المسألة غير ذلك تماما لأن أبا هريرة اتّهمه كثير من الصحابة من أجل كثرة الحديث ، وعمر بن الخطّاب نفسه كذّبه في حديث خلق الله السماوات والانتشار في سبعة أيّام ، وكذّبته عائشة كما كذّبه أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وحسبكم قراءة
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ٧ / ٣١ ، باب لاهامة ولا عدوى.