قوله : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْء ) (١) ، وفي قوله : ( وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّمَاء وَالاَْرْضِ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين ) (٢) وأوحى الله تعالى إلى نبيِّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يبقي في غيبه وسرِّه ومكنون علمه شيئاً إلاَّ يناجي به عليّاً ، فأمره أن يؤلِّف القرآن من بعده ، ويتولَّى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه ، وقال لأصحابه : حرام على أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي ، فإنّه منّي وأنا منه ، له مالي ، وعليه ما عليَّ ، وهو قاضي ديني ومنجز موعدي.
ثمَّ قال لأصحابه : علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله (٣) ، ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلاَّ عند علي عليهالسلام ، ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصحابه : أقضاكم علي (٤) ; أي هو قاضيكم ، وقال عمر بن الخطاب : لو لا عليٌّ لهلك عمر (٥) ، أفيشهد له عمر ويجحد غيره؟!
فأطرق هشام طويلا ، ثمَّ رفع رأسه فقال : سل حاجتك.
فقال : خلَّفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي.
فقال : قد آمن الله وحشتهم برجوعك إليهم ، ولا تقم أكثر من يومك .. (٦).
__________________
١ ـ سورة ، الأنعام ، الآية : ٣٨.
٢ ـ سورة ، النمل ، الآية : ٧٥.
٣ ـ مسند أحمد بن حنبل : ٣ / ٣٣ ، السنن الكبرى ، النسائي : ٥ / ١٥٤ ، صحيح ابن حبان : ١٥ / ٣٨٥ ، المستدرك ، الحاكم : ٣ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر ، ٤٢ / ٤٥١ ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : ٥ / ١٨٦ ، ذخائر العقبى ، أحمد بن عبدالله الطبري : ٧٦.
٤ ـ راجع : تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ٤٢ / ١٦ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١ / ١٨ و ٧ / ٢١٩. وسوف يأتي المزيد من التخريجات في مناظرة هشام بن الحكم مع حفص بن سالم.
٥ ـ تأويل مختلف الحديث ، ابن قتيبة : ١٥٢ ، المناقب ، الخوارزمي : ٨١ ح ٦٥ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١ / ١٨ ، ١٤١ ، نظم درر السمطين ، الزرندي : ١٣٠ ، فتح الملك العلي ، المغربي : ٧١ ، ينابيع المودّة ، القندوزي : ١ / ٢١٦ ح ٢٨.
٦ ـ دلائل الإمامة ، محمّد بن جرير الطبري ( الشيعي ) : ٢٣٣ ـ ٢٣٧ ح ٢٦.