إليَّ وقد بدا عليها الحزن قليلا ، فقلت : لم ـ يا صديقتي ـ هذا الحزن؟
قالت : إنه يوم عاشوراء ، وقد قال الإمام الصادق عليهالسلام ـ إنه علينا أن لا نبتسم في هذا اليوم ففيه قتل الحسين عليهالسلام (١) ، وكانت هذه مصيبة على الأمّة الإسلاميّة كلِّها.
فقلت : لعن الله أعداء الإسلام ، وعجِّل فرجك أيُّها الإمام المنتظر لتملأ هذه
__________________
١ ـ جاء في كتاب المصباح للشيخ الطوسي عليه الرحمة ، عن عبدالله بن سنان قال : دخلت على سيدي أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهماالسلام في يوم عاشوراء ، فألفيته كاسف اللون ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط ، فقلت : يا ابن رسول الله! مم بكاؤك؟ لا أبكى الله عينيك ، فقال لي : أو في غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين بن علي أصيب في مثل هذا اليوم؟ إلى أن قال عليهالسلام : فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلَّت الهيجاء عن آل رسول الله ، وانكشفت الملحمة عنهم ، وفي الأرض منهم ثلاثون صريعاً في مواليهم ، يعزُّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مصرعهم ، ولو كان في الدنيا يومئذ حيّاً لكان صلوات الله عليه وآله هو المعزَّى بهم ، قال : وبكى أبو عبدالله عليهالسلام حتى اخضلَّت لحيته بدموعه ..
( مصباح المتهجِّد ، الطوسي : ٧٨٢ ، المزار ، محمّد بن المشهدي : ٤٧٣ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٩٨ / ٣٠٣ ح ٤ ).
وروى ابن قولويه عليه الرحمة ، عن أبي عمارة المنشد قال : ما ذكر الحسين بن علي عليهماالسلام عند أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهماالسلام في يوم قط فرئي أبو عبدالله عليهالسلام في ذلك اليوم متبسِّماً إلى الليل ( كامل الزيارات ، ابن قولويه : ٢٠٣ ح ٦ ).
وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرضا عليهالسلام : إن المحرَّم شهر كان أهل الجاهليَّة يحرِّمون فيه القتال ، فاستحلَّت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حرمة في أمرنا ، إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذلَّ عزيزنا ، بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء يحطُّ الذنوب العظام. ثم قال عليهالسلام : كان أبي ( صلوات الله عليه ) إذا دخل شهر المحرَّم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه
وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ( صلوات الله عليه ). ( الأمالي ، الصدوق : ١٩٠ ح ٢ ).