قال : إن اقتتال الصحابة فيما بينهم لا يخرجهم من دائرة الإيمان ; لقوله تعالى : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) (١).
قلت : ولكنه تعالى يقول بعد ذلك : ( فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) أليس لنا أن نحدِّد الفئة الباغية ، وإذا ما كانت قد فاءت إلى أمر الله أم لا؟
قال : يا بنيَّ! نحن نقول كما قال أبو زرعة : تلك فتنة وقى الله منها سيوفنا ، أفلا نقي منها ألسنتنا؟
عند هذا الحدّ كان صاحبي قد بلغ به الغضب مبلغاً خشيت معه أن يأتي بتصرُّف لا يليق بالمقام ، وفي ذات الوقت بدأ الدكتور غير راغب في المضيِّ في هذا الاتجاه المزعج ، عندئذ أدركت أنه لا جدوى من الإصرار على توجيه الحوار عقائديّاً ، فعدنا إلى الحوار في ساحة العمل الإسلاميّ.
ويقول المحامي محمّد علي : إن الدكتور الحبر ... لم يرضه أن يعلو ذكر أهل البيت عليهمالسلام في السودان ، وأن يسارع الشباب إلى الدخول في حصون ولايتهم ، فأخذ يدقُّ نواقيس الخطر ، ويؤلِّب ذوي الشأن ليتصدَّوا لحركة التشيُّع التي عمَّت أرجاء السودان ، وأن على المسؤولين أن يقفوا في وجه هذا المدّ ، وأنه بهذا البيان يكون قد أدَّى ما عليه ; إذ لا يملك أن يفعل بهذا الصدد أكثر من
__________________
عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم.
فكيف يكونون كلهم عدولا وفيهم من قد علمت؟ وبعد هذه الروايات وأمثالها ، هل يمكن القول بعدالة جميع الصحابة ، وفيهم سمرة بن جندب ومعاوية بن أبي سفيان وأمثالهما؟ والخلاصة أن الصحابة كغيرهم ، فيهم المؤمن التقيُّ والصفيُّ النقيُّ ، وفيهم غير ذلك ، وكلٌّ يعرف بعمله ، وما ظهر على سلوكه ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشرٌّ.
١ ـ سورة الحجرات ، الآية : ٩.