الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كلِّ صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنّه غير الصفة ، فمن وصف الله فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنَّاه ومن ثنَّاه فقد جزَّأه ، ومن جزَّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدَّه ، ومن حدَّه فقد عدَّه ، ومن قال : فيم فقد ضمَّنه ، ومن قال : علام فقد أخلى منه ... (١).
ثمَّ شرحت لهم مقصود الخطبة ، قال بعض الحاضرين : والله إنه كلام بليغ سلس ومحكم.
ثمَّ اتفقت كلمتهم حول هذا الشابِّ المسكين أنه مخطئ في اعتقاده ، ويجب عليه مراجعة حساباته حتى لا يذهب إلى نار جهنم.
ثمَّ دار النقاش حول الرسالة والرسول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والذي يدّعون أنهم أولى الناس به ، وقد ثبت لي أنهم أبعد ما يكون عن نبيِّ الرحمة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن معرفته ، فكيف يكونون أولى الناس به؟
وبالحوار انقطعت حجّته ، وأصبح محلَّ تهكُّم الآخرين ، وقبل أن نختم الحوار سألني محاولا استفزازي : شيخنا! ما رأيكم في الصحابة الذين نعتبرهم نحن من أولياء الله الصالحين؟
فقلت له : يا شيخ! أول الدين معرفته ، وأنت لم تعرف الله فكيف تعرف أولياءه؟! وتواعدنا لمواصلة الحوار يوماً آخر.
وفي ذلك اليوم جاء بوجه آخر ، ويبدو أنه أخذ جرعة قويَّة من مشايخه ، وابتدأ هذه المرَّة بالشتم والسبِّ أمام جمع من الحاضرين ، وطالبهم بعدم
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، خطب أميرالمؤمنين علي عليهالسلام : ١ / ١٥ ـ ١٦.