خلف عبد الرحمن بن عوف ، على ما نقله لنا ابن كثير في تأريخه (١) وهذا شيء لا يختلف فيه أحد ، فلم يوجب فضلا لعبد الرحمن بن عوف على النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يقتضي ذلك أن يكون إماماً واجب الطاعة عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى غيره من أصحابه ، فكما أن صلاة النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خلف عبد الرحمن بن عوف لم توجب له الإمامة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا على غيره من الناس ، فكذلك لم توجب صلاة أبي بكر بالمسلمين إمامته عليهم.
ثانياً : لا خلاف بين الفريقين : السنّي والشيعيّ في أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد استعمل عمرو بن العاص على الخليفتين أبي بكر وعمر وجماعة المهاجرين والأنصار ، وكان يؤمُّهم في الصلاة مدّة إمارته عليهم في واقعة ذات السلاسل ، على ما نقله لنا ابن كثير في تاريخه (٢) ، فلم توجب صلاته فيهم (٣) إمامته عليهم ، ولا فضلا عليهم ، لا في الظاهر ، ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال ، فكذلك الحال في صلاة أبي بكر فيهم ، لا توجب إمامته عليهم ، ولا فضلا عليهم.
ثالثاً : وهذا البخاري أصدق صحيح عندكم يحدِّثنا في صحيحه (٤) عن ابن عمر قال : لمَّا قدم المهاجرون الأوّلون العصبة ( موضع بقبا ) قبل مقدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يؤمُّهم سالم مولى أبي حذيفة ، وكان أكثرهم قرآناً.
فكما أن إمامة سالم مولى أبي حذيفة للمهاجرين الأوّلين لم توجب له
__________________
١ ـ البداية والنهاية ، ابن كثير : ٥ / ٢٢.
٢ ـ البداية والنهاية ، ابن كثير : ٤ / ٢٧٣.
٣ ـ راجع في إمامة عمرو بن العاص في الخليفتين أبي بكر وعمر هذه المصادر : السيرة الحلبيّة ، الشافعي : ٣ / ١٩ ، تاريخ الخميس : ٢ / ٨٢ ، والدحلاني في ص ١١ من سيرته بهامش الجزء الثاني من السيرة الحلبية.
٤ ـ صحيح البخاري : ١ / ٨٩ ، باب ( إمامة العبد من أبواب صلاة الجماعة من كتاب الأذان ).