فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوَّة والخلافة ، فتبجَّحوا على قومكم بجحاً بجحاً ، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفِّقت.
فقلت : يا أميرالمؤمنين! إن تأذن لي في الكلام ، وتمط عني الغضب تكلَّمت.
قال : تكلَّم ، قلت : أمَّا قولك يا أميرالمؤمنين : اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفِّقت ، فلو أن قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود ، وأمَّا قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوَّة والخلافة ، فإن الله عزَّوجلَّ وصف قوماً بالكراهة ، فقال : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) (١).
فقال عمر : هيهات والله يا ابن عباس ، قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرَّك عليها فتزيل منزلتك مني (٢).
ولهذا يقول عمر بن الخطاب : لقد كان ـ أي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يربع في أمره ، ولقد أراد في مرضه أن يصرِّح باسمه فمنعته من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإسلام ، لا وربِّ هذه البنيَّة! لا تجتمع عليه قريش أبداً ، ولو وليها لانتفضت عليه العرب في أقطارها ، فعلم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنني علمت ما في نفسه فأمسك (٣).
هشام آل قطيط : بعد كلِّ ما طرحناه من تساؤلات ومناقشات وردود من
__________________
١ ـ سورة محمّد ، الآية : ٩.
٢ ـ تاريخ الطبري : ٣ / ٢٨٩ ، السقيفة وفدك ، الجوهري : ١٣١ ، الكامل ، ابن الأثير : ٣ / ٦٢ في حوادث سنة ٢٣ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١٢ / ٥٣.
٣ ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١٢ / ٢١.