أولا : إنّ نسبة الشيعة إلى عبدالله بن سبأ ، يرجع إلى ما رواه الطبري ، وهو أول راوي لذلك ، أمَّا بقية المؤرِّخين فإنهم أخذوا منه ، وروى الطبري ذلك عن سيف بن عمر ، وسيف معروف قدره عند علماء الجرح والتعديل (١) ، فإنه رجل كاذب ومدلِّس ، ولا يؤخذ برواياته ، وللمزيد ارجع إلى كتاب عبدالله بن سبأ وأساطير أخرى للعلامة السيد مرتضى العسكري.
ثانياً : حتى لو سلّمنا بهذه الروايات فإنها لا تقول بأن عبدالله بن سبأ هو مؤسّس الشيعة ، فكل ما فيها أنّ هذا الرجل ادّعى أنّ لكل نبيٍّ وصيّاً ، وأنّ وصيَّ محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو عليٌّ عليهالسلام ، وهذا ليس من مبتكرات عبدالله بن سبأ ، وإنما صرَّح به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل ، فإذا كان قول الشيعة مطابقاً لقول ابن سبأ ، فما هو وجه الملازمة بين هذا وبين أن يكون هو مؤسّس الشيعة؟ فما هو وجه الشبه حتى تربط بين الأمرين؟ ولعمري إنها لسخافة في الرأي.
أمَّا تأليه عليٍّ عليهالسلام وأنّ عليّاً عليهالسلام أحرق أتباعه بالنار ، فإن الشيعة لا تؤمن بذلك ، وإنما نعتقد أن عليّاً عليهالسلام عبدٌ صالح من عباد الله الصالحين ، اختاره الله لحمل رسالته من بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
١ ـ قال يحيى بن معين ـ ت ٢٣٣ هـ ـ : ضعيف الحديث ، فلسٌ خير منه ، وقال أبو داوود ـ ت ٢٧٥ هـ ـ : ليس بشيء كذّاب ، وقال النسائيي صاحب الصحيح ـ ت ٣٠٣ هـ ـ : ضعيف ومتروك الحديث ، ليس بثقة ولا مأمون ، وقال ابن حاتم ـ ت ٣٢٧ هـ ـ : متروك الحديث ، وقال ابن عدي ـ ت ٣٦٥ ـ : يروي الموضوعات اُتهم بالزندقة ، وقال : قالوا : كان يضع الحديث ، وقال الحاكم ـ ت٤٠٥ هـ ـ : متروك ، وقد اتهم بالزندقة ، وهاهُ الخطيب البغدادي ، ونقل ابن عبد البرّ عن ابن حيان أنه قال فيه : سيف متروك ، وإنّما ذكرنا حديثه للمعرفة ، ولم يعقِّب ابن عبد البرِّ عليه ، وقال الفيروز آبادي : صاحب توالف ، وذكره مع غيره وقال عنهم : ضعفاء ، وقال ابن حجر بعد إيراد حديث ورد في سنده اسمه : فيه ضعفاء أشدُّهم سيف ، وقال صفي الدين : ضعَّفوه ، وروى له الترمذي فرد حديث.