الشرك ، فإن معنى : الميِّت لا ينفع ولا يضرّ غير تام ; لأنّ الحيّ بهذا المعنى لا ينفع ولا يضرّ أيضاً ، وبما أنّ الحيّ يضرُّ بإذن الله كذلك الميِّت ، فليس هناك استقلاليَّة بالفعل سواء من الحيِّ أو الميِّت ، وبذلك لا يكون هنالك غرابة في الطلب من الميِّت ; لأنه كالطلب من الحيِّ ، وإنما يكون البحث كل البحث عن جدوى الطلب أو عدم جدواه ، وهذا خارج جملةً وتفصيلا عن مسار البحث ، ولتوضيح الصورة أضرب لكم مثالا : إذا طلبت من شخص أن يحضر لي كأساً من الماء هل في هذا شرك؟
قال الجميع : لا.
وفي نفس الوقت إذا طلبت هذا الطلب من نفس هذا الإنسان ، ولكنه كان نائماً ، فهو في الواقع لا يقدر على فعل هذا الأمر ، ولكن هل يمكن أن تقول إنك مشرك لأنه لا يقدر؟
قالوا بكلمة واحدة : لا.
بل أكثر ما يمكن أن يقال في حقي أن طلبك طلب عبثيُّ لا جدوى منه ، أو سميني حتى مجنوناً ، ولكن لا تصفني بالشرك.
وبهذا عرفنا أن عدم القدرة على الفعل ليست ملاكاً في التوحيد والشرك.
أمَّا كلامك : إن طلب الأمور الماديّة لا إشكال فيها ، وإنّما الشرك هو طلب الأمور الغيبيّة التي لا يقدر عليها إلاَّ الله.
فإنَّ في هذا الكلام مغالطة ; لأنّ السنن الماديّة أو الغيبيّة ليس لها دخل في ملاك التوحيد والشرك ، وأنا بدوري أسأل : هل هذه السنن هي مستقلّة عن الله ، بمعنى أنها تعمل بقدرة ذاتيّة منفصلة عن الله ، أم أنها بإذن الله وإرادته؟
وهنا المحور ، فإذا تعامل معها الإنسان باعتبار أنها مستقلة فهو مشرك ،