قلت : ولكن لم يأمر الله بالمسح؟
خالي : صبراً عليَّ : قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) (١) ، فقوله : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) دال على وجوب المسح بكلتا القراءتين : بالكسر أو بالفتح ، أمَّا الكسر فواضح ; لأنها معطوفة على الرأس ، وأمَّا النصب فإنه يدل على المسح أيضاً ، وذلك لأنه معطوف على موضع الرؤوس لوقوع المسح عليهما ، ولا يمكن العطف على الأيدي ، وذلك لوجود فاصل أجنبيٍّ وهو المسح ، فلا يجوز العطف على البعيد مع إمكانيَّة العطف على القريب.
وهذا ما أكَّدت عليه روايات أهل بيت العصمة والطهارة عليهمالسلام ، بل هنالك أحاديث من مصادر أهل السنة تؤيِّد المسح ، وممَّن قال بالمسح ابن عباس والحسن البصري والجبائي والطبري وغيرهم ، قال ابن عباس وأنس : الوضوء غسلتان ومسحتان ، كما جاء في الدر المنثور (٢) ، وقال عكرمة : ليس على الرجلين غسل ، إنما فيهما المسح ، وبه قال الشعبي : ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلا ، ويلغي ما كان مسحاً (٣) ، وروى أوس بن أوس ، قال : رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم توضَّأ ومسح على رجليه (٤) ، ووصف ابن عباس وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّه مسح على رجليه ، وقال : إنّ في كتاب الله المسح ، ويأبى الناس إلاَّ
__________________
١ ـ سورة المائدة ، الآية : ٦.
٢ ـ الدر المنثور : ٢ / ٢٦٢.
٣ ـ نفس المصدر : ٢٦٢.
٤ ـ أسد الغابة ، ابن الأثير : ١ / ٢١٧.