تعبدوا إلاَّ إيّاه ، فآمن قوم وكفر قوم ، وآخر من بعثه إليها من الأنبياء محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال ابن عباس : صدقت ، ولكن خبِّرني عن محمّد حين بعث إلى دار الإسلام فبناها كما بناها غيره من الأنبياء ، هل أحكم عمارتها ، وبيَّن حدودها ، وأوقف الأمَّة على سبلها وعملها وشرايع أحكامها ومعالم دينها؟
قال الخارجي : نعم ، قد فعل محمّد ذلك.
قال ابن عباس : فخبِّرني الآن عن محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هل بقي فيها أو رحل عنها؟
قال الخارجي : بل رحل عنها.
قال ابن عباس : فخبِّرني رحل عنها وهي كاملة العمارة بيِّنة الحدود ، أم رحل عنها وهي خربة لا عمران فيها؟
قال الخارجي : بل رحل عنها وهي كاملة العمارة ، بيِّنة الحدود ، قائمة المنار.
قال ابن عباس : صدقت الآن ، فخبِّرني هل كان لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أحد يقوم بعمارة هذه الدار من بعده أم لا؟
قال الخارجي : بلى ، قد كان له صحابة ، وأهل بيت ، ووصيٌّ ، وذرِّيَّة يقومون بعمارة هذه الدار من بعده.
قال ابن عباس : ففعلوا أم لم يفعلوا؟
قال الخارجي : بلى ، قد فعلوا ، وعمروا هذه الدار من بعده.
قال ابن عباس : فخبِّرني الآن عن هذه الدار من بعده ، هل هي اليوم على ما تركها محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من كمال عمارتها ، وقوام حدودها ، أم هي خربة عاطلة الحدود؟