اللّهُ بَيْنَهُمَا ) (١) ، وقال تعالى : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ ) (٢).
قال : فصاحت الخوارج من كل ناحية ، وقالوا : فكأن عمرو بن العاص عندك من العدول؟ وأنت تعلم أنه كان في الجاهليَّة رأساً ، وفي الإسلام ذنباً ، وهو الأبتر ابن الأبتر ، ممن قاتل محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم وفتن أمَّته من بعده.
قال : فقال ابن عباس : يا هؤلاء! إن عمرو بن العاص لم يكن حكماً ، أفتحتجُّون به علينا؟ إنما كان حكماً لمعاوية ، وقد أراد أميرالمؤمنين علي عليهالسلام أن يبعثني أنا فأكون له حكماً ، فأبيتم عليه ، وقلتم : قد رضينا بأبي موسى الأشعري ، وقد كان أبو موسى لعمري رضيّاً في نفسه وصحبته وإسلامه وسابقته ، غير أنه خدع فقال ما قال ، وليس يلزمنا من خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى ، فاتقوا ربَّكم ، وارجعوا إلى ما كنتم عليه من طاعة أميرالمؤمنين عليهالسلام ، فإنّه وإن كان قاعداً عن طلب حقِّه فإنّما ينتظر انقضاء المدة ، ثمَّ يعود إلى محاربة القوم ، وليس علي عليهالسلام ممن يقعد عن حقٍّ جعله الله له.
قال : فصاحت الخوارج ، وقالوا : هيهات يا ابن عباس! نحن لا نتولَّى عليّاً بعد هذا اليوم أبداً ، فارجع إليه وقل له : فليخرج إلينا بنفسه حتى نحتجَّ عليه ونسمع كلامه .. (٣).
__________________
١ ـ سورة النساء ، الآية : ٣٥.
٢ ـ سورة المائدة ، الآية : ٩٥.
٣ ـ كتاب الفتوح ، ابن الأعثم الكوفي : ٤ / ٨٩ ـ ٩٥.