نحو قولهم : زيد قائم أبوه. ومررت برجل قائم أبوه. ومررت بزيد قائما أبوه. وجاءني الذي قائم أبوه. وأقائم أخواك؟ وما قائم زيد قال الله تعالى : (إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ)(١). ف : (ما أصابهم) مبتدأ عند سيبويه. ومصيبها : خبره. وعند الأخفش : ما أصابهم : رفع ب (مصيبها). ومصيبها : مبتدأ ، وما ارتفع به يسد مسد الخبر. ويحتج لأبي الحسن ، بقوله تعالى : (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ)(٢) [٣٤ / ب] فعاليهم : مبتدأ ، عنده. وثياب سندس : مرتفع به. ولو كان ثياب سندس ، مبتدأ ، وعاليهم خبره ، لم يجز ، لأن عاليهم مفرد ، فلا يكون خبرا للجمع وليس له حجة في الآية ، لأن (عاليهم) ليس بمبتدأ ، وإنما هو صفة لقوله : (وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ)(٣) (عاليهم ثياب) أي : يعلوهم. واسم الفاعل ، إذا كان صفة ، رفع ما بعده. قال الله تعالى : (شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ)(٤).
قالوا : إنه رفع بمختلف ، ولا خلاف في ذلك. فثياب مرتفع بعاليهم ، لأنه وصف ، كما يرتفع به فيمن نصب (عاليهم) على الحال ، لأنه يرفع في الحالتين جميعا. وقد ذكر أبو علي (٥) : أن (عاليهم) : اسم فاعل ، فهو كقوله : (سامِراً تَهْجُرُونَ)(٦). فأفرد في موضع الجمع ، فيكون على هذا ثياب سندس : مبتدأ ، وعاليهم : خبرا له. وهو في معنى الجمع.
[قال أبو الفتح] : واعلم أن المبتدأ ، قد يحذف تارة ، ويحذف الخبر أخرى ، وذلك إذا كان في الكلام دليل على المحذوف ، إلى آخر الباب.
اعلم بهذا الكلام أن حذف المبتدأ جائز ، كما أن حذف الخبر ، كذلك. فمما جاء في التنزيل ، قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(٧). تقديره : فصبري صبر جميل. أو فشأني صبر جميل. وإن شئت كان التقدير : فصبر جميل أمثل من غيره. وكذلك قوله : (قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)(٨).
وقوله ، في الأخرى : (فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ)(٩). ذانك على ذينك التقديرين.
إن شئت : أمرنا طاعة ، وقول معروف. وإن شئت : طاعة ، وقول معروف أمثل من غيرهما.
__________________
(١) ١١ : سورة هود ٨١.
لم أقف على هذه الآية في : الكتاب ، ومعاني القرآن ـ للأخفش ، وقد ذكرها الشارح من باب التمثيل للقاعدة.
(٢) ٧٦ : سورة الإنسان ٢١.
وهذا بناءا على قراءة : نافع ، وحمزة ، وعاصم ، وأبي جعفر ، وشيبة ، وابن محيصن ، والحسن ، وابن عباس ، والأعرج ، وأبان ، والمفضل. معاني القرآن ـ للفراء ٣ : ٢١٩ ، وتفسير الطبري ٢٩ : ١٣٧ ، والسبعة ٦٦٤ ، والتيسير ٢١٨ ، وتفسير التبيان ١٠ : ٢١٦ ، ومجمع البيان ١٠ : ٤٠٨ ، وتفسير الرازي ٣٠ : ٢٥٢ ، وتفسير القرطبي ١٩ : ١٤٥ ، والبحر المحيط ٨ : ٢٩٩ ، والنشر ٢ : ٣٩٦ ، وإتحاف الفضلاء ٤٢٩.
(٣) ٧٦ : سورة الإنسان ١٩.
(٤) ١٦ : سورة النحل ٦٩.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٤٠٩.
(٦) ٢٣ : سورة المؤمنون ٦٧.
(٧) ١٢ : سورة يوسف ١٨ ، ٨٣.
(٨) ٢٤ : سورة النور ٥٣.
(٩) ٤٧ : سورة محمد (عليه الصلاة والسّلام) ٢٠ ـ ٢١.